منتدي أوراق عربيةمنتدي القصة القصيرة

قلب وبرواز ….. قصة لسارة ابراهيم – خاص لموقع أوراق عربية / الجزء الأول

“قلب وبرواز”

“في المنزل بينما تقوم الأم بتقطيع البصل”
أمي..أرجوك ِلا ترفضي،أعلم أنك تريدين رؤيتي كعروس لكن صدقيني،النقابُ ليس بالأمر الذي سيحول بيني وبين زواجي”
(ترد الأم بنظرة اشمئزاز)
لا وسبعون ألفا ًمن تلك ال(لا)..هل ستتركين مستقبلك بعد التخرج ونجاحك القادم إليك لأجل رداء يخفي وراءه أكثر الوجوه زيفاً ً،لا تجبريني على الشكوى لأبيك.
-سأسبقك أنا للشكوى منك.
انتظري يا بنت..علياء،لن تفعلي.
(علياء إلى “الصالون”،تقف أمام صورة أبيها الكبيرة:
هل يرضيك هذا يا أبي،إن زوجتك تتمادي معي كثيرا هذه الأيام،لا توافق على ارتدائي للنقاب،هل ستصمت كعادتك وتشاهد يا سيدي القاضي ؟
(تدخل الأم فجأة):لا لا…إن كلامي هو الذي سيُنفذ..
لا نقاب،لا تواصل فيسبوكي مع السخيفات ذو الغطاء الأسود على الوجه،وستوافقين علي أول عريس سيأتي إليك بدءا ًمن هذه الساعة.
-أمي..أتمزحين معي،(تلتفت إلى صورة أبيها):شكرا علي صمتك الدائم،لقد أوديت بنفسك وبي إلي الجحيم حينما تزوجت بهذه المرأة،لا أسامحك يا أبي.
الأم:صدقيني،لن تجدي أما مثلي،ولو بحثتِ طيلة ألف عام من الآن.
-الأمهات كثر يا سيدتي،لا تقلقي..فقط ارحلي.
(الأم،بينما تكمل مسيرة تقطيع البصل): هل ستحزنين عليّ إن رحلت؟
(علياء متجهة بسرعة إليها معانقة ًإياها بتأثر):كنت أمزح فقط،لا تلفظي مثل هذا القول ثانية ،لن تكون حياتي بعدك حياة،ستشبه الجحيم…لا لا لا،ابتعدي أيتها الأفكار الشيطانية.
الأم:أتحبينني؟
علياء:هل جُننتِ يا إمرأة؟ما هذا السؤال السخيف!
وكيف لي ألا أحبك!
-فلتوافقي على ” خيرت” من أجلي،أقسم بأنك لن تندمين،صدقيني يا ابنتي..إنه مناسب.
_أميييي..أرجوك ِ كفي عن الحديث بشأن موضوع سبق إنهاءه،أنا لا أطيقه،فكيف لي أن اعتمره روحا !
الأم:شأشكو لأبيك…
(علياء بينما تعانق أمها بحزن):لقد اشتقت إلى والدي.
أريد رجلا مثله،و أعدك لن أرفض الزواج به إن وجدته.
(الأم بينما تتذكر زوجها ويسيل الدمع من عينيها):لا أعتقد أنه تبقي من الأربعون واحداً لكِي..فأبيكي تجسد فيهم جميعا،ورحلوا جميعهم برحيله.
-إذا ً،لن أتزوج.
لما لا تفهمين أني أود أن أحمل طفلك بين ذراعيّ قبل أن أموت!
علياء:أتموتين وتتركيني وحيدة،لن أدعك تفعلي هذا.
-تعالي وأكملي عني تجهيز الطعام،سأصلي العصر واتمدد على سريري قليلا ً،اشتقت إلي أبيكي،لم يزر مخيلتي منذ يومين،أظن حان وقت لقائنا..جهزي الطعام واستدعيني..
والآن اقتربي(وعانقتها بشدة،ثم اتجهت لغرفتها).

بعد مرور ساعتين،نهضت الأم من على سريرها،أعادت ترتيب الملاءة جيدا وقالت:كم هذا غريب ،لم أعد أشعر بالجوع،وكأني تناولت الطعام أثناء النوم.
خرجت من عرفتها لتجد أُناسا ًكثيرة من النساء والفتيات كأنهن الغرابيب السود،كلهن يرتدين الأسود ومن بينهن “علياء” تحمل صورة ٍلأمها وتنوح أمامها عاليا ً :لن أسامحك يا أمي،كيف تتركيني وحيدة وتفلي بعيدا ً.
بدت الأم مذعورة وفركت عينيها بيديها:هل ما زلت نائمة،أهذه أضغاث أحلام أم أنني للرؤية السليمة عاجزة!

فاتجهت صوب ابنتها فما إن كادت تقترب منها ان حتى أمسكت إمرأتان بعلياء ،تستند عليهما ليوصلاها لغرفتها لتستريح قليلا،ليس هذا ما تعجبت منه”ثريا”،ما أثار تعجبها هو أنهن مررن من خلالها كأنها الهواء!
مهلاً..مهلاً،يا إلهي ما الذي حدث لي؟
تجري هنا وهناك،تمر علي كل من تجلس تحاول لمسها،صفعها،وحتي الصياح بأعلي صوتٍ،لكن لا شئ يجدي نفعا ً.
دخلت إلي غرفتها لا تعلم ما الذي أصابها..وإذ بمقلتيها تتسعانِ من هول ما رأت..
لوح خشبي مسند علي منضدة وسط الغرفة،بابٌ قد أوصد،والشبابيك مغلقّة،وإمرأتان ضخمتا البنية يقومون بغسل الجثة الممددة على اللوح الخشبي.
إحداهن قالت:لقد كانت نعم الأم والزوجة،لم تكن لتترك فرضا ًواحدا ًمن صلاتها.
الآخرى:فليرحمها الله،ويربط علي قلب “علياء”
-علياء؟علي….
توجهت صوب المرأة التي تقابلها ودفعتها بشدة،لكنها لا تندفع!
ما الذي تتفوهين به؟ما بها علياء،إنه…إنها بخير.
ثم أخفضت رأسها موجهة نظرها نجو جثتها الهامدة التي لا حول لها ولا قوة فأكملت بصياح:حتى أنا بخير،ما زلت هنا..كيف لا تصدقونني،انظروا بتمعن..أقسم بأنني هنا.
(أمسكت بوجهها الممدد بميتة مسترخية): أنت ِ،أفيقي..هيا أفيقي،هل ستجاريهم تلك المسرحية،انهضي،ابنتك بالخارج بحاجة إليك..
(غطت المرأتان الجثة بلفافة بيضاء)،مستدعين أحدهم من الخارج.
دخل رجلان ووضعوها في صندوق خشبي(النعش)ووضعوها بداخله مغلقين عليها،ثم خرجوا وعلى َ الصراخ..

مرت ثلاثون دقيقة وثريا(طيف خيالها)مرمية كالجثة على الأرض التي تنتظر قدوم أحدهم لإنقاذها في الدقائق الأخيرة..
رجل ٌكالطيف طل فوقها ذاكرا اسمها بلطف(ثريا)..أبكرتي في المجئ،وخالفتي العهد المنشود..
(تلتفت ُإليه بذعر):إبراهيم..لقد انتهت الحياة!كيف لنا أن نترك ابنتنا وحيدة في عالم كهذا!
-إنه القدر،هو عادلٌ فيما كُلف به،لا عليك أنت الآن في دنياك الحقيقية،وعانقها بلطف.

يتبع ….

متابعينا علي فيسبوك
اضغط لتقييم المقال
نشكرك للتقييم ، رأيك يهمنا :)
الوسوم

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق