مقالات سياسيةمنتدي أوراق عربية

جمال الدين فيروز يكتب لأوراق عربية …داعش بين أمريكا والطائفية

جمال الدين فيروز يكتب لأوراق عربية …داعش بين أمريكا والطائفية

لم تكن الجماعات الإسلامية تشكل خطرا دوليا في بدايتها ..بل كانت جماعات دعوية تحولت إلى معارضة لنظم الحكم، ثم تطور الأمر إلى معارضة مسلحة لم تخرج عن حدود موطنها التي نشأت فيه إلا بعد قيام الاتحاد السوفيتي بغزو أفغانستان، كانت نقلة لهذه الجماعات التي رأت أن أرض أفغانستان البقعه الحقيقية للجهاد المقدس، إذ تلقفته الولايات المتحدة وحلفائها وساهمت في انتشاره بسرعة البرق بدعم من الأنظمة العربية والإسلامية.وأصبحت أفغانستان قبلة شباب الجماعات وشيوخها، وتصدرت أخبارهم وإنجازاتهم بإغراق الدب الروسي في الوحل المشهد العالمي. ولم تبخل أمريكا وحلفائها الغربيين والعرب عن إمداد الجماعات بالمال والسلاح حتى نجح المجاهدين الأفغان في هزيمة السوفيت.
في هذة الحرب خرجت جماعات أكثر خبرة في حمل السلاح واستخدامه وأكثر تنظيما وحنكة في إدارة التنظيمات المسلحة، ونشأت تحالفات جهادية أُطلق عليها الأفغان العرب، لمع منها اسم جعل من هذه الجماعات تحت راية تنظيم جديد باسم تنظيم القاعدة بقيادتة، وهو أسامة بن لادن، وجعل هدف تنظيمه محاربة أمريكا التي غيرت من استراتيجيتها التحالفيه ووضعت القاعدة ومن خلفها عدوا رئيسا بعد نجاحها في إسقاط غريمها القديم الأتحاد السوفيتي.كان لتنظيم القاعدة جولات في ضرب المصالح الأمريكية في العالم حتى نجح في الوصول داخل الأراضي الأمريكية في سبتمر 2001 فحولت أمريكا سياستها العسكرية الى تحريك جيوشها الى أي دولة تهدد مصالحها…فبدأت بحرب طالبان في أفانستان وإسقاطها ولم تنتظر طويلا حتي اتجهت إلى العراق وأسقطت النظام الحاكم واحتلت العراق.
كان لسقوط بغداد وإحتلالها دورا فاعلا في ظهور الجماعات المسلحة بشكل أكثر شراسة ممن سبقها، وكان لبول بريمر الحاكم المدني الأمريكي بالعراق يدا في بروزها بحل الجيش العراقي وتسريح ضباطه وجنوده ومنعهم من الانضمام للجيش الجديد، وكذلك إصدار قانون اجتزاز البعث ومنع كل بعثي من الانخراط في العمل السياسي، وتكوين مجلس رئاسي خرج منه نظام حكم طائفي جر البلاد الى التقسيم بين الشيعة والسنه وتهميش الدور السني في المجتمع.من هنا وجدت الجماعات المسلحة الحاضنة الإقليمية والشعبية لها، فأعلن عن قيام تنظيم القاعدة في أرض الرافديين بقيادة الأردني أبومصعب الزرقاوي، وبدأت أنهار الدم تجري في شوارع بغداد بحادثة تفجير السفارة الأردنية في بغداد في أغسطس 2003، واغتيال (سيرجو دي ميللو ) مبعوث الأمم المتحدة في العراق في نفس الشهر عام 2003..
نجت الولايات المتحدة في القضاء على الزرقاوي وتولى أبو حمزة المهاجر التنظيم، وجمع عدة جماعات مسلحة تحت لواء تنظيم الدولة الإسلامية في العراق بقيادة أبو عمر البغدادي وتولى أبو حمزة وزير الحرب في الدولة…من هنا تكون تنظيم الدولة الأسلامية في العراق من (تنظيم القاعدة-سرايا الجهاد – أنصار التوحيد – الطائفة المنصورة -كتائب الأهوال – الغرباء – جيش أهل السنة والجماعة) وبدأ تنظيم الدولة يسيطر على عدة مناطق في العراق واستهان به الجميع وأكد بانه سيسقط بعد مقتل زعيمة أبوعمر البغدادي ونائبه الأول أبوحمزة المهاجر في 2010 في غارة للجيش الأمريكي، إلا أن التنظيم بدأ يقوى في ظل رئاسة المالكي لرئاسة الوزراء الذي تمادي في تهميش الطائفة السنية واتهامه الدائم لهم بأنهم داعمين للحركات الأرهابية وأستباحة مناطقهم من قبل قواتة الأمنية وتعرضهم للقتل والسجن والتشريد. كانت لهذه العوامل دورا في تقوية تنظيم الدولة وانضمام الكثير من الشباب الجهادي تحت لوائه وذاع صيته بين الشباب في أوروبا، الذي شد الرحال الى العراق بدعوى الجهاد مع تنظيم الدولة، وامتدت أذرعه الى سوريا وأعلن عن تغير الاسم من تنظيم الدولة في العراق إلى تنظيم الدولة في العراق وسوريا تحت اسم (داعش).
سيطر التنظيم على مساحات شاسعة من الأراضي العراقية واستطاع هزيمة الجيش العراقي في الموصل، وفر أفراد الجيش العراقي من أمام مقاتليه الذين يقاتلون بشراسه غير مسبوقه في تاريخ الجماعات الارهابية، ونجح ايضا في السيطرة على الأنبار بعد فرار الجيش كما حدث في السابق.لم يقو الجيش العراقي في مواجهة داعش إلا في القنوات الفضائية، أما على الأرض فكان أفراده يفرون من أرض المعركة كفرار الفريسة من مخالب الأسد، وبهذه الهزيمة حصل داعش على ترسانة من الأسلحلة الأمريكية الحديثة التى تركها الجيش الهارب من أمامه…كذلك استيلائه على أسحلة روسية أيضا خلال معاركه مع الجيش السوري في المناطق التى بسط سيطرتة عليها في الأقليم السوري.
كذلك كان لحصول داعش على مصادر البترول في المناطق التي احتلها دورا في استقلاله ماليا من خلال بيعه للبترول لبعض الجهات والدول وأيضا استغلاله للمحاصيل الزراعية…لم يقف التنظيم على بسط سيطرتة ونفوذه على الأرض فقط …بل بدأ بتكوين أساسيات الدولة بإعلانه مناطق الولايات وتعيين ولاة لها وإصدار عملة خاصة بدولة الخلافة وخروج أبوبكر البغدادي على الناس في خطبة الجمعة بجامع الموصل ومناداتة بخليفة المسلمين.ولم تبقى داعش داخل العراق والشام …بل امتدت أذرعة إلى ليبيا ومصر والصومال واليمن ونيجيريا والمغرب العربي، وله خلايا نائمة في منطقة الخليج التي قامت بتفجيرات مساجد للشيعة والسنة في السعودية والكويت وإغتيال عناصر للأمن.في السعودية…نجح داعش في إبراز نفسه إعلاميا حيث أنه يمتلك آلة إعلامية عملاقة لم يملكها أي تنظيم قبله..فنجح في تسويق نفسه واثارة الرعب في العالم بعرض مقاطع بشعه للذبح كالخراف وفصل الرؤوس عن الأجساد بشكل مخيف لكل من يرى أنه يخالف منهجه، ووصلت عمليات الذبح للجماعت الأرهابية الأخرى التى لم تقم ببيعته مثل جبهة النصرة في سوريا.
وصلت داعش لهذة المرحلة لاختلافها عن الجماعات السابقة…فكان لها الأرض ولم تحل ضيفا على أحد وكان أيجاد الحاضنه الشعبية له ناتجا عن غباء رجال الدولة في العراق الذين حكموا بالمذهب والطائفية، ووجدت لها التمويل والدعم بتجارتها بمواد البترول ومشتقاته…إعلامها المرئي الذي غزا العالم .. أنتصارها في معاركها ضد جيش دولة منظم ليس له عقيدة قتالية.. تكوين أسس الدولة ونجاحه في استقطاب الشباب ليس في العالم الأسلامي والعربي …بل في أوربا وأمريكا…استهان العالم بأمرها في بدايتها فطغت..فانتبهوا لها الآن وحشدوا التحالف الدولي الآن ..حتى تركيا التي فتحت حدودها مع سوريا لهذه الجماعات لدخول الأسلحة والأفراد للقتال في سوريا …أكتوت بنار داعش ففتحت قواعدها للتحالف الدولي بعد أن كانت تتعامل مع داعش إقتصاديا عن طريق التجارة في البترول الذي أمتلكته داعش بعد أنتصارها المتلاحقه في العراق.
فعوامل نجاح داعش وقواتها وشراستها تعود الي السياسة العسكرية الأمريكية أولا وإدارة الدولة الخراق للحكومات العراقية المتعاقبه منذ غزو العراق حتى الساعة. فهل تستمر هذة السياسة حتى تتوحش داعش أكثر وتصبح واقعا بقيام دولتها القائمة على الذبح والسبي معترف بها عالميا….هذة الكارثة إذا لم تحل من جذورها ستصبح واقعا مر يسقى للجميع.
متابعينا علي فيسبوك
اضغط لتقييم المقال
نشكرك للتقييم ، رأيك يهمنا :)

منتدي أوراق عـربية

منتدي أدبي يرعي المواهب العربية ويتيح للكُتاب والموهوبين في جميع المجالات الإطلال علي جمهورهم أسبوعيا من خلال مباردة أوراق عربية لإكتشاف المواهب الأدبيه بالوطن العربي ويمكنكم الإشتراك من خلال مراسلتنا علي awraqstaff@yahoo.com أو صفحتنا علي الفيس بوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق