مواهب علي الطريق

هل تحتاج الحياة في غزة إلى ترخيص.؟؟_بقلم/ حسام خضرة,خاص لاوراق عربية

نظرت في وجه صديقي فوجدته يبتسم، وإذا بي أضع يدي على فمه مانعاً إياه، حتى لا يراه صاحب ذلك الوجه العابس الذي يبحث في ثنايا المكان عن كل ثغر باسم، ليصعقه بنظرة تكاد أن تذكرني بحلم أزعجني ذات ليلة.

كان المكان قبل مجيئهم مفعماً بالحياة، تعابير الوجوه تشير إلى الفرح، رغم الهموم التي تمتلئ  بها القلوب؛ كنت أعرف الجميع هناك، وأترقب ابتساماتهم التي تحلم بغدٍ أفضل مما نحياه اليوم.

اضطررت للسير في ربوع المكان، لأستمع إلى عذرهم بالمجيء إلينا، وحين استمعت إلى مبرراتهم دارت في مخيلتي بضع سنين كنت قد قرأت عنها قديماً؛ كانت أشبه بأعذار حرب البسوس وربما داحس والغبراء.

هم أفسدوا تلك الفرحة حفاظاً على الحياء العام؛ رغم أنني لا أعي ما تعريف من قدِموا إلينا لهذا المصطلح؛ لكن ربما هو كالآتي: حين تلبس الفتاة بنطالاً وتجلس مع بعض الشبان في مكان مليء بالناس وتخرج دخان النرجيلة من فمها.

ربما أنتم السبب في ذلك، فلم توضحوا لمن تحكمون أنهم في ظل دولة الخلافة التي ينبغي على النساء فيها أن يحترمن أنفسهن بلبس النقاب، والخروج من بيوتهن بمحرم.

وربما أيضاً هناك مفارقة عجيبة ببعض أماكن أخرى تخرج فيها النساء بشيء من التبرج الذي تتحدثون عنه، ويشربن النرجيلة، لكن الفرق بين مكان وجودنا ومكان وجودهم بسيط، ربما تعرفونه بأنفسكم أو يعرفه من يجلس على البوابة لحماية من في الداخل.

ألم يومض في عقلك ذات يوم يا من أفسدت فرحتنا، أنك حين كنت تجري خلفنا بالعصا ونحن ننادي بإنهاء الانقسام قبل فترة ليست بالبعيدة، كنت تخدش الحياء العام للناس.!!

أنا أيقن أنك آتٍ إلينا وأنت لا تعرف ما سبب المجيء، كل ما نظرت إليه هو الفتيات بالداخل؛ ولم يلفت نظرك ما كنا مستمتعين بالنظر إليه؛ شابُ من القدس يحكي لنا شعراً عبر الإشعاع الكائن على ذاك الحائط، شابُ لم تسعفه الظروف لزيارتنا في أرضه لأن الاحتلال منعه من ذلك.

أوليس مسمى ما كنا نفعله مقاومةً؟؟، أم أن تعريفكم للمقاومة أصبح لثاماً يغطي الوجه، وبارود يحمل باليد، وصاروخ لم نعد نستمع إلى أخباره منذ فترة بعيدة.

دعونا أعزائي نبتسم فنحن أبنائكم قبل أن تكونوا حاكمينا، دعونا نحيا الحياة التي نريد، واعلموا أن ثقافتنا التي ندعوا إليها تدعوا إلى التبسم في وجه الجميع كي نكتسب بعض الصدقات.


_بقلم/ حسام خضرة,خاص لاوراق عربية

متابعينا علي فيسبوك
اضغط لتقييم المقال
نشكرك للتقييم ، رأيك يهمنا :)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق