منتدي أوراق عربية

حاتم جيرة الله يكتب لأوراق عربية …. لعبة الأيام

حاتم جيرة الله يكتب لأوراق عربية …. لعبة الأيام

الكاتب - حاتم جيرة الله / خاص لأوراق عربية
الكاتب – حاتم جيرة الله / خاص لأوراق عربية
غادر (حسن) غرفة زوجته السابقة و هو بالكاد يجاهد لكى يواصل السيرثابتا  دون ان يسقط منهارا تحت وطأة  سيف ضربات الحياة بلا رحمة او شفقة ، لا يشعر الآن بشئ سوى فيض من الوجع يضرب قلبه بقوة ، يعتصره اعتصارا ، يسيطر على كيانه ، كان كما يبدو ان طيبته سبب كل ما يعانيه ، يبدو متماسكا لكن قلبه ينزف دموع من دم   على زوجة احبها كثيرا و تخلت عنه فى اول محطة بعد ان اصبحت نجمة سينمائية كبيرة  و يريد ثرى لبنانى الزواج منها و لا تمانع ان تدفع الثمن ، (خلو رجل) كما يقولون لانه ظل  كما كان (حسن) الموظف فى محلات الثرى اليهودى (إيزاك عنبر) و لم يعد يليق بها و بوضعها الجديد ، ساومته على حريتها فطلقها بلا مقابل فلم تعد المرأة النقية الطيبة التى احبها قبل وقت مضي ، احب (حسن ) (لعبة ) او (فاتنيسا) _بعد النيولوك – حتى رغم حماه السيد (ابراهيم نفخو ) و حماته الفظة (سنية جنح) اللذان يملأ نفسهما الطمع و حب المال و الاستفادة من ابنتهم و جمالها الشديد ….
حتى امانته و شرفه خسرهم و هو يختلس اموال ائتمنه عليها (إيزاك)  فى لحظة طائشة ليبرد نار قلبه من غدر زوجته و خستها معه و كراهيتها الحياة مع ، (حسن وابور الجاز) كما يلقبونه و يسخرون منه ، انفق من مال الرجل و يبدو السجن مصيرا منتظرا ، نهاية لم يكن يستحقها ابدا من وجهة نظره….
واصل السير البطئ و لكن لمح مقبلا عليه اخر شخص يتمنى رؤيته في تلك اللحظة…. (ايزاك عنبر)
هل جربت احساس تلك اللحظة التى تتيقن فيها انك خسرت كل شئ ؟!
اعتقد ان الكل قد مر به حتى لو تنصل منه امام الجميع ، حتى لو انكر ان اللحظات المتشحة بالسواد قد زارته ، الطرق المفتوحة تتحول شوارع مسدودة بلا بارقة امل ، تظنها النهاية او كادت لتطرح كلمة النهاية المأساوية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ،لكن بلا انتظار لاى طاقة من النور ، تتحول كل طاقة جسدك الى طاقة سلبية تساوى صفر، لم تعد تحب او تكره او تنتظر شيئا من تلك الحياة ، تفقد الامل فى اليوم و الغد كمن لا يشعر الآن بشئ ، تستسلم او توشك على السقوط  هذا ان لم تسقط بالفعل ….
و فجأة تلتقطك يد الرحمن لتعبر بك فوق خط النار الملتهب ،تنجيك بعناية مما يحاك ضدك من كل الاعداء المجتمعين ، تظهر كل العجائب و ما تصورته المستحيل بعينه لتنفتح كل الاقفال و تسقط كل الحواجز و تتحول الابواب المسدودة الى طرق ممهدة بارادة من الله…..
قد يظن قارئ تلك الكلمات انها ضرب من التفاؤل في زمن يعتبر فيه التفاؤل جريمة ،جنون مطبق فى ايام يدعو فيها كل شئ للاحباط ، نصلي و ندعو و داخلنا يقين ان الدعاء سيعلق بلا اجابة ،كيف نطلب من الله و نبتهل دون ان نؤمن بالاستجابة ؟!
ذات مرة سمعت مقطع للشاعر الكبير (بهاء الدين محمد) في تتر مسلسل (بره الدنيا) : صحيح الدنيا دى خاينة …بتيجى على اللى بيحسوا ….
و لم اعلم لما تخون الدنيا اصحاب القلوب البيضاء النقية فقط ؟! كما لو كان من حقهم فقط ان يتجرعوا كأس الهزيمة ،كما لو خلقوا ليصبحوا شماتة لاعدائهم ، لتتأخر رايات نصرهم كثيرا و كثيرا جدا دون ان يكلف احدهم نفسه ليرفع عينه و يلمح انتصارا يلوح فى الافق….
فى تلك الليلة كان (حسن) مثل الكثير منا ،محبط ،تحطم قلبه بلا رحمة او شفقة ،اختلس للمرة الاولى فى حياته و انفق من اموال ائتمنه عليها الثرى اليهودى (ايزاك عنبر) الذى يعمل عنده موظفا بمحلاته ،ماذا تنتظر يا (حسن) بعد كل ما فعلت غير السجن و الفضيحة و شماتة اهل طليقتك و ابن خالتها و آخرون ؟!
لكن نبكى لنطرق ابواب الفرح ، نحزن كى نستعد الى الفرح نطفئ الشموع لكى تنير شعلة الضوء فى قلوبنا ….
كان اخر ما يعتقد الرجل ان لقاؤه ب (إيزاك) سيعقبه اهانات لا يتمناها ابدا ، لم يتصور ابدا ان (إيزاك) سيسافر فجأة الى جنوب افريقيا لان الحرب العالمية الثانية اشتعلت واقتربت من مصر و  لم يعد باستطاعته المكوث فى القاهرة ، و سيكتب المحل صوريا باسم (حسن) حتى يتم توريد مبلغ مالى معين و بعدها تؤول ملكية المحل الى موظف الامس الذى اصبح مالك المحل بجرة قلم ….
يستيقظ الجميع على ان ( حسن وابور الجاز) اصبح المالك الجديد لمحلات (ايزاك عنبر) ، مفاجأة اذهلت الجميع  سواء زملائه و كل المحيطين به ، فى لحظة خسر زوجة ربما احبها كثيرا حتى لو لم تستحق الحب و انفتحت الابواب المغلقة كلها فأصبح من اصحاب الاملاك ، كأنما كان قلبه الابيض _رغم غلطة الشاطر_ مفتاح كل الابواب و الطرق المسدودة التى احاطت به ، كأنما كان كسر خاطره و اهانته من (لعبة ) طليقته و اهلها وبال شر عليها ،فى لحظة تراجع الثرى اللبنانى الشهم عن الزواج منها بعد ان علم انها تخلت عن زوجها الاول من اجله و اجل امواله ،رفض ان يتزوج من باعت زوجها الاول مهما كان الثمن و انسحب عائدا الى بلاده، كل المنتجين الغوا عقودهم معها بسبب الحرب الوشيكة ،خسرت زوج احبها بصدق و تناست ان جمالها الى زوال يوما ما و سيبقي بجانبها من احبها لنفسها هى ، تبدل الحال من حال الى حال فى لمح البصر،اصبح الفقير الضعيف فى قمة المجد و القوة ، و اصبحت (لعبة) بكل فتنتها و فنها في مهب الريح ، عادت من حيث اتت من قبل….
هكذا هى الدنيا لا تدوم على حال و لو علم الناس هذا جيدا لتخلصت الدنيا من الكثير من شرورها سوادها و ان السعادة ابسط مما نتصور ، و كم من فرحة يمتلكها بسطاء لا ينلها الاغنياء مهما انفقوا من خزائنهم ، انتصرت الطيبة فى زمن الشر و تعجب اصحاب الحيل و العبد الفقير الضعيف يتفوق عليهم بلا جهد و لا تخطيط و لا تجهيز….
(لعبة الست) فيلم بطولة (نجيب الريحانى) فى دور (حسن عاشور ) و (تحية كاريوكا) في دور (لعبة) و (عبدالفتاح القصرى ) و (مارى منيب) فى دور والدى لعبة و (سليمان نجيب) في دور (ايزاك عنبر) ، فيلم من انتاج 1946 لكنه يحكى واقعا نعيشه حتى وقت كتابة هذا المقال ، يحكى عن الحب الذى يصبح عرضا لمن يدفع اكثر فيفقد بريقه و لمعته ، يحكى عن ان الطيبة و الشرف و الامانة مهما كانا مثار للسخرية و التهكم الا انهما الجواد الرابح دائما و ابدا ، يتغير العصر و الزمن و يتبدل العلم و تتطور التكنولوجيا و يبقي الحب احد اجمل المشاعر التى من الممكن ان يعشيها الانسان فى حياته و التى مهما امتلك من اموال الدنيا تبقي بلا قيمة ان لم يجد لحظة حب صادقة….
نقطة الفيلم السلبية فى وجهة نظرى ان (حسن) صفح عن (لعبة) فى النهاية و تزوجها مرة اخرى  ينتهى الفيلم تحت صوت يردد (و ما السعادة الا فى الوفاء ) اي وفاء اظهرته (لعبة ) ل (حسن ) لا ادرى ؟!
احب العفو لكن لم اجدها مخلصة و وفية ابدا لزوجها ،تخلت عنه فى لمح البصرلمجرد انها اصبحت شهيرة ثرية ،هناك كلمة تقول (من تركك فى وقت انهيارك….لا يستحق ابدا ان يكون بجوارك وقت ازدهارك ) هل لو كانت (لعبة ) تعلم ان (حسن ) سيصبح ثريا كانت ستساومه على الطلاق ؟! لا اعتقد و  لكن ربما اراد (حسن) ان يقدم درسا فى العطاء و الصفح الى النهاية
متابعينا علي فيسبوك
اضغط لتقييم المقال
نشكرك للتقييم ، رأيك يهمنا 🙂

منتدي أوراق عـربية

منتدي أدبي يرعي المواهب العربية ويتيح للكُتاب والموهوبين في جميع المجالات الإطلال علي جمهورهم أسبوعيا من خلال مباردة أوراق عربية لإكتشاف المواهب الأدبيه بالوطن العربي ويمكنكم الإشتراك من خلال مراسلتنا علي awraqstaff@yahoo.com أو صفحتنا علي الفيس بوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق