وحيدة بين الزحام ….. الفصل السادس شيماء صلاح خلف
وحيدة بين الزحام
قصة من عدة فصول
الفصل السادس
احبك ولكن
————————-
تفيد ب أيه يا ندم يا ندم
وتعمل ايه يا عتاب
طالت ليالي ليالي الألم
وتفرقوا الأحباب
————————————–
في لحظة ما .. تشعر وكأن الزمن توقف وكأن الحياة سلسلة طرقات وعليك .. عليك أنت فقط ان تختار . أي طريق تسلك , وفي لحظات أخري تشعر وكان حق الإختيار رفاهية لا تملكها.. وكأن عليك ان تسلك درب معين دون سواه .. سواء رضيت أم أبيت.
كان هذا إحساس عاطف عندما قرر الزواج من عائشة , كان لا يري بديل أخر وكأنه مصيّر لهذا الأمر وليس بيديه حيلة , ولكن الزمن كافي لجعله يفيق من وهمه الكبير ,ذلك الوهم الذي القي نفسه فيه.
” لم اعد استطع التحمل أكثر من هذا , ان هذا أمر لا يطاق”
” ما الذي لا تستطع تحمله ؟”
” لم اعد استطع تحمل عدم إحساسك بالمسئولية ولا مبالاتك بشئ”
” كل هذا لأني اطلب منك ان نسافر لماليزيا لاطمئنان علي والدتي”
” ولكننا سبق وسافرنا ثلاث مرت من قبل , منذ ان قدمنا للعمل هنا من عام ونصف ونحن كل ما ندخره من أموال ننفقه علي زياراتك لماليزيا”
” أنهم أهلي ومن حقي رؤيتهم, أو تمنعني من رؤية أمي!!”
“كلا , لا أمنعك ولكني لم أره أمي منذ عام ونصف , منذ ان أتينا للسعودية , كل أجازة نقضيها بماليزيا ولم نذهب لزيارة مصر مطلقا, ولم أتذمر ولكن هذا يكفي أتعلمين إننا لم ندخر ريالا واحدا وان كل أموالنا انفقناها علي أجازاتك وهداياكي , أيعقل هذا ؟؟؟!!”
” وما فائدة المال إذا منعنا من رؤية أهلنا !! ان هذه الحياة لا تطاق”
كان هذا جانبا من احدي المشاحنات اليومية بين عاطف وعائشة , بالطبع اختلاف العادات والتقاليد والظروف جعلتهما يعيشان في بيئتان مختلفتان ولكل منهما حياته الخاصة
ان الحياة الزوجية كالجمع بين النقيضين والشئ الوحيد الذي يلطف بينهما هو الحب فإذا اختفي الحب استحالت الحياة وتهدمت , وهذا ما يحدث بينهما فبعد عام ونصف أفاقت عائشة علي حقيقة شغفها بعاطف الذي لم يرقي أبدا لدرجة الحب كان مجرد شغف نابع من تعودها علي وجوده باستمرار بحياتها ليس أكثر من ذلك لقد أدركت انها تخلت عن وطنها وعائلتها وحياتها بأكملها من اجل وهم كبير , وهم اسمه الحب , ولكنه أبدا لم يكن حبا ولكنها قد استفاقت بعد فوات الأوان
, وأدرك عاطف فداحة خطاه وان ما فعله كان امرأ اقل ما يوصف بأنه امرأ رهيب وكأنه ينتحر ببطء , ليس فقط لبعده عن أمل بل أيضا لعدم قدرته علي التكيف مع عائشة مع كل التناقض الشديد بين خلفيتهما السابقة وهذا أمر لم يحسب حسابه.
” إذن متى سنسافر ؟؟”
عاطف باستنكار:” المكان الوحيد الذي سنسافر إليه هو مصر ان سفرنا المقبل سيكون لمصر وسيكون ذهاب بلا عودة , ما فائدة بقائنا هنا إذا كنا لم ندخر شيئا ؟”
أشاحت عائشة بوجهها في عدم رضا
وغمغمت بخفوت : عليك ان تقول ما تريد وعلي ان افعل ما أريد!!!”
************************************************
دخلت هويدا الغرفة مسرعة :ماذا يحدث؟؟
أمل دون ان تنظر إليها :ماذا؟
هويدا بدهشة :أوافقتي علي منير هذا ؟؟
أمل : نعم أليس هذا ما تريدونه جميعكم؟
هويدا وقد قطبت جبينها: لا ليس هذا ما نريده , كيف تتزوجين بمنير وأنتي مازلت تحبين عاطف , ثم ما سر موقفك هذا تركتك في الصباح وأنتي تلوميني انني أتشكك في حبه لكي وأعود وأنت تنوين الزواج بغيره ؟؟ ماذا يحدث؟”
أمل :تستطيعين ان تقولي إنني كنت متوهمة وعرفت الحقيقة الآن ؟ ثم ما سرك أنتي كيف أصبحت فجأة محامية عاطف ؟”
هويدا :” أنا لا أدافع عن عاطف أنا أدافع عنك ,كيف تحبي شخصا وتتزوجين بغيره ؟ أنا لا أريدك ان تنتظري عاطف ولكن أيضا لا أريدك ان تأخذي قرارات متسرعة , عليك التريث و…
قاطعتها أمل صائحة : وماذا عاطف تزوج , تزوج”
انهارت باكية
ربطت هويدا علي كتفها بحنان : أختي و حبيبتي , من قال لكي ذلك اخبريني ماذا حدث
نظرت لها أمل بعينيها الدامعتان وأخذت تقص لها ما حدث عندما رن جرس الهاتف ,…
الو من حضرتك
انسيتي صوتي ؟؟ أنا مصطفي
عفوا ولكننا لم نتحدث منذ ان ثم سكتت بغتة
منذ ان رفضتيني لم سكتي
آسفة مصطفي ولكن أنت أخر شخص كنت أتوقع منه طلب خطبتي فأنت تعلم اني . اقصد تعلم عن أمري أنا وعاطف
ولكن عليكي ان تواصلي حياتك ان عاطف انتهي أمره
ماذا ؟ ماذا تعني
ان عاطف تزوج يا أمل منذ عام ونصف
لم تصدق أمل ما سمعت :ماذا لم أسمعك جيدا
ان عاطف تزوج , أنا قابلت أخيه بالصدفة أثناء وجودي بدمنهور من أسبوعين وهو من اخبرني انه تزوج من فتاة ماليزيه كان يراسلها علي النت أثناء وجودنا بالمعهد , ان عاطف لم يحبك أبدا انه كان
لم تكن تستطع ان تسمع المزيد أغلقت الهاتف , ترنحت وألقت بنفسها علي الفراش شعرت وكان قدميها لا تقويان علي حملها وان جدران الغرفة تضيق عليها حتى كادت تسحقها , شعور مخيف بالوحدة والألم والندم هذا الخبر لم يؤلمها فحسب بل لقد هز كيانها , افقدها ثقتها بنفسها وكسر كبريائها , حطمها وزلزلها من الأعماق, لم تكن تتصور انها بالسذاجة هذه وإنها قد تنخدع لهذه الدرجة ,
أصبح العلم بأسره بالنسبة لها أضيق من ثقب المخيط ,لا تري سوي السواد في كل شئ
انه لشعور مقيت بالعجز والحسرة والألم
ندما علي كل ما فات من عمرها , علي سنوات مرت وهي تنتظره وتبكي فراقه وهو يتمتع بحياة مع أخري ,
أخر ما تصورت منه الخيانة أخر ما فكرت فيه ان يخونها , ان يعبث بها ويستغل قلبها البرئ الذي لم يعرف الحب سوي معه
كل هذه المشاعر والأحاسيس شعرت بها في دقائق معدودة دقائق جعلت العالم كله يتغير من حولها , جعلت الحياة تفقد ألوانها وبريقها , اهتزت كل المعايير وانمحت كل القيم , لم تعد تفكر سوي في غضبها وعنادها , ان تثبت له انها لا تنتظره ان هناك آخرين يتمنون رضاها وأنها لن تبقي باقي عمرها تنتظر من تركها
كل هذه المشاعر تحكمت بها جعلتها إنسانة أخري , فتاة مختلفة بعد ان أعياها الم البعاد وأرهقها الفراق , أعماها الغضب وافقدها العناد صواب القرار
وافقت علي منير فقط لتثبت لنفسها انها مازالت تستطيع ان تحيا, مازال لها قلب ينبض , ولم تكن تعلم ان بموافقتها تلك قد قتلت أخر خليه تنبض فيها بالحياة
*******************************************************
اليوم التالي
تسللت هويدا لغرفة أمل في عدم وجودها ثم أمسكت الهاتف وفتحت الأرقام الأخيرة وأجرت مكالمة طويلة
***************************************************
بعد مرور أسبوع
رن جرس هاتف عاطف النقال
عاطف: السلام عليكم
عائشة : وعليكم السلام ,كيف حالك عاطف
عاطف : بخير , ما الأمر
عائشة :لا شئ فقط أردت ان أتحدث معاك
اندهش عاطف من كلامها فهي ليست معتادة علي مثل هذه الأمور: إذن تحدثي ما الأمر
صمتت برهة ثم أردفت: متى ستأتي للمنزل؟
عاطف: في الخامسة كالمعتاد , أتريدين شيئا فانا مشغول الآن
لا شئ شكرا مع السلامة
مع السلامة
*************************************************
أمل : هويدا أنا مرهقة ما الأمر؟
هويدا بتردد : هناك أمر ما أريد ان أتحدث معك بشأنه منذ عده أيام ولكني خائفة من رد فعلك
أمل بيأس من ليس لديه شيئا ليخسره : تحدثي هويدا فانا تعودت علي الصدمات , وليس هناك ما يهمني
إذن سأتحدث ولكن عديني بان تظلي هادئة ولا تفعلي ي شئ دون ان تستشيريني
أمل وقد نفذ صبرها : هويدا تحدثي هيا
هويدا: إذن سأخبرك كل شئ
كان شعور أمل اقوي من الدهشة
فان ما سمعته من هويدا من اغرب الأشياء التي يمكن ان تسمعها
بل هو أغربها
علي الإطلاق
دلف عاطف لمنزله البسيط بخطوات مرهقة
ولك ما لفت نظره ان جهاز الكمبيوتر كان مضائا وهو أمر لم تعتاده عائشة
“عائشة لم تركتي الكمبيوتر يعمل وأنتي لا تستخدميه , عائشة ؟؟”
ولكنه لم يتلقي جواب
اقترب من الجهاز ليطفئه ولكنه ما ان اقترب من الشاشة حتى تصلبت قدماه
ووقف في مكانه
فما رآه كان صدمة كبيرة له
كان اكبر صدمة يمكن ان يتلقاها
اكبر صدمة يمكن ان يتلقاها أي رجل
علي الإطلاق
اخذ يردد الكلمات المكتوبة أمامه بلا وعي
“احبك ولكن ..”
تعليق واحد