وحيدة بين الزحام ….. الفصل الأخير لـــــشيماء صلاح خلف – خاص لأوراق عربية

الفصل السابع والأخير
أيظن
————————-
الحب هو اغرب المشاعر التي يمكن ان نصادفها يوما, فالحب يقترن دائما بعدة مشاعر أخري كالغيرة والألم والعناد والكراهية
نعم يقترن الحب بالكراهية , قد تحب شخصا ما وتكره في ذات الوقت , أنت لا تكرهه هو بالطبع ولكن تكره حبك له , تكره ضعفك أمامه واستسلامك لسطوة قلبه ونفوذ عينيه حين تقتحمك وتسيطر عليك وتجعلك كالمنوم مغناطيسيا لا تدري إلي أين تذهب ولا كيف !!
ذاك الحب الذي يفقدك القدرة علي التفكير المنطقي والتعقل , وهذا بالطبع ما ترفضه أمل
ترفض ان تخضع لسطوة الحب مرة أخري
ترفض ان تكون مغيبه مرة أخري
وان كان التغييب هذا أروع ما في الحب
*************************************
دخلت هويدا خلسة إلي غرفة أختها أمل وفتحت حاسبها ودلفت إلي بريد أختها الالكتروني حيث تجعل أمل حاسبها يحتفظ بكلمة المرور دائما ثم بعثت برسالة الكترونية سريعة ومقتضبة وخرجت مسرعة قبيل ان يراها احد
*************************************
بعد مرور عدة أيام
(((((((أيظن أني لعبة بيديه أنا لا أفكر بالرجوع إليه ))))))
————————————————————–
“لا ادري سر كل هذا الاستعجال لمقابلة صديقك الخفي هذا”
أطلقت أمل تلك الكلمات وهما يستقلون الحافلة المتجهة “لبحري”
هويدا: أخبرتك انه يريد التعرف عليك , وأنا أريدك ان تتعرفي عليه ما المشكلة إذن؟
أمل :لا شئ لاشئ دعينا نتعرف علي صديقك هذا الذي لا تريدين حتى الإفصاح عن اسمه
جلستا علي طاولة متطرفة نوعا ما ثم
ثم أتي
لم يكن صديق هويدا من أتي
كان هو
كان عاطف
ما ان رايته أمل حتى تنبهت كل حواسها
كان هو
لم يتغير رغم كل السنون والبعد
كان هو
بنفس الخطوات الواثقة والعينان الرائعتان
كان هو
يتجه نحوها وفي عينيه كل شوق ولهفة الدنيا
بنفس الابتسامة الهادئة المطمئنة
و
كانت كل خلية فيها تهتف … احبك
كل خليه داخلها تتمني لو انها … , فقط لو انها تعطيه فرصة
لكنها رفضت
رفضت الانصياع لقلبها
أصرت علي المغادرة
ولكن الأمر ليس بهذه السهولة , رفضت قدماها المغادرة , أعلنت العصيان , بل أعلنت الثورة , تسمرت في مكانها
و …..
واتي
*************************************
(((((((اليوم عاد كأن شيئاً لم يكن وبراءة الأطفال في عينيه))))))))
——————————————————————————-
ما ان رآها عاطف حتى
لم يعرف كيف يصف شعوره
كانت جالسة وضوء الشمس من خلفها
كأنها متوهجه
أنيقة رائعة كما اعتادها دائما
بلونها الخمري وشخصيتها الطاغية التي تجعلك تشعر بالضالة بجوارها
ولكنها لا لم تكن أمل التي تركها
كانت متجهمة عابسة
اختفي من عينيها البريق وانطفأت في وجها البسمة
كانت عينياها تنقل كل غضب وألم الدنيا
اهو من فعل بها ذلك
هو من قتل البسمة علي شفتيها
لم يستطع تجاوز هذا الأمر
حتى وصل للطاولة حيث كانت تجلس
انتبهت أمل في تلك اللحظة ان هويدا اختفت و
“كيف حالك”
نطقها عاطف بنفس صوته الهادئ الرخيم
نظرت له نظرة غضب وعتاب طويلة ولم تجب
جلس أمامها
حاول ان ينطق ولكنه فقد الكلمات
ضاعت الكلمات من شفتيه
جلسا قرابة ..
لم يدريا كم من الوقت جلسا فعقارب الساعة توقفت
وكل الكون من حولهم توقف, حتى الكلمات ضاعت
و وظلا كلا منهم يحدق في الأخر دونما أي كلمة , تذكرا كل ما كان ثم قطع عاطف حاجز الصمت
“أمل أنا “
قاطعته أمل بعنف
“أنت ماذا ؟ ماذا تريد؟”
“أنا احبك”
ألجمتها المفاجأة فهذه المرة الأولي التي تسمعه يقولها رغم كل تلك السنوات هذه هي المرة الأولي التي يقولها لها
أغرورقت عيناها بالدموع
واصل عاطف كلماته : “أمل اعلم اني قد جرحتك جرحا كبيرا واعلم انني قد خنتك بشكل ما رغم انكي لا تستحقين سوي الحب
أمل أنا لم افعل هذا سوي لاني قد ظننت انكي ستكونين أفضل مع غيري, أنا أخطأت وأسأت الفهم ونلت نصيبي من الألم أيضا , صدقيني السنوات الفائتة كانت مؤلمة فوق ما تتخيلين
قاطعته : أي الم . ماذا تعرف أنت عن الألم ؟ لقد تزوجت وتركتني انتظرك , عامين كاملين وأنا انتظرك متصورة انك ستأتي, أنت حتى لم تخبرني بزواجك ,. تركتني انتظر الوهم
عاطف :أمل ارجوكي لا تتسرعي في الحكم علي أنا قد حاولت إخبارك ولكني لم استطع لم أجد الجرأة لأخبرك اني راحل وبلا عودة
أنا حتى لم أودعك
لم استطع
أمل ارجوكي أعطي فرصة لنا و لحبنا , اننا نستحق
قاطعته أمل :آسفة عاطف أظنك قد استنفدت كل فرصك
أشاحت بوجهها وهمت بالقيام لكنه أدار وجهها تجاهه برفق
وهمس كأنه يستجديها: أمل ارجوكي .. مرت سنوات وأنا انتظر ان هذا اللقاء .
أنا احبك ..
أعشقك . ..
أنا متيم بكي ..
أمل ارجوكي اننا نستحق فرصة , اعلم اني اخطات ولكن ارجوكي لا تكرري خطئي ..”
انهمرت دموعها رغما عنها وهمت بالكلام ولكن هيهات , هيهات ان يستجيب لها لسانها .. هيهات ان يخضع لها . ضاعت الكلمات وما بقي سوي إحساس بالألم والندم إحساس اقوي من توصفه الكلمات أو تعبر عنه الأحرف
نظرت ليعينه رأت فيهم كل الحب والندم
خشيت ان تضعف أمامه . خشيت ان تضعف أمام عينيه طأطأت رأسها حتى لا يري دموعها ولا تري عينيه
ولكنه لم ييأس , لقد انتظر ذلك اللقاء. وما كان يظنه سيأتي
لن يخسرها الآن بعد ان أصبحت أمامه
لن يخسرها الآن بعد كل ما حدث
استجمع قوته: أمل انظري لعيني وقولي انكي لا تحبيني كما احبك , ان استطعتي ان تقوليها سأنصرف ولن تريني مجددا
نظرت لعينه والدموع تملا مقلاتاها
لم تستطع التحدث
شعرت بضعف مخزي
لم يكن أمامها سبيل سوي الهرب
الهرب منه .. من ضعفها ..من حبهما
نهضت وغادرت بأسرع ما يمكن وكان هناك من يطاردها
بكل الغضب والألم والشعور بالخيانة والغدر تركته ورائها
خوفها من ضعفها أعماها عن ضعفه
لم تلفت أليه
لم تلفتت إليه لتري تلك الدموع الساخنة علي جنتيه وتلك النظرة النادمة في عينيه
لم تلفت إليه لتشاهده وهو يبكي ولأول مرة في حياته
يبكي علي حب ضاع وأمل تلاشي
بعد مرور شهرين
((((((((ليقول لي إني رفيقة دربه وبأنني الحب الوحيد لديه)))))))
——————————————————————————
كانت الحافلة تمر من أمام المعهد كالمعتاد وكالمعتاد كان عاطف يفتح حاسبة المحمول ويكتب رسالة الكترونية إليها
وكالمعتاد كانت لا ترد
وكالمعتاد لم ييأس
ويظل يكتب كل يوم رسالة
يعتذر
يعلن ندمه
يعلن حبه
كانت كلماته تنزف دمعا
وحروف رسائله تقطر حبا
حبا خالصا ووفائا جما
ولكنها لم تكن تري كل هذا
لم تكن تري سوي وجهه الحبيب الذي تركها وانسحب من حياتها من اجل من اجل فتاة أخري
لم تكن تري سوي الغدر في كلماته والخيانة عبر سطور رسائله
أغلقت قلبها فما عادت تشعر بأنينه وآلامه ولا قلبه المنفطر
أغلقت عيناها فما رأيت دموعه المنهمرة عبر أتون قلبه المستعر
كتب الرسالة بعثها
ثم ….
هناك شيئا ليس معتادا
هنالك رسالة غريبة
من أخر شخص علي وجه الأرض تصور ان يبعث إليه بشئ
الآن
لبرهة قصيرة لم يكن يعلم إذا كان عليه ان يفتح تلك الرسالة أم لا
ثم
فتحها
ولم تصدق عينيه ما رأي!!!
*************************************
“صباح الخير “
ألقت هويدا تحية الصباح علي أختها أمل وهما يتناولان طعام فطورهما مبكرا قبل ان يخرجا معا لتذهب أمل للجامعة وهويدا للمدرسة التي تعمل بها
“صباح النور “
أجابت أمل بفتور
كان وجهها متجهما وعيناها حمرواتين وكأنها لم تنم منذ عدة أيام
هويدا :”ماذا ؟؟ الم يكن نومك هادئا”
نظرت لها أمل نظرة عتاب طويلة ثم قالت :” عليكي سؤاله هو عن رسائله التي تمنعني النوم
هويدا : هو من
أمل بعصبية :عاطف , عاطف الذي راسلتيه من ورائي وحدتي معه موعد لأقابله حتى دون علمي ,اظننتي اني نسيت ما فعلتيه أنا اعرف ما حدث وما يحدث واعرف أيضا انه يتحدث اليكي كل يوم
هويدا: وماذا؟؟ أنا لا أريد سوي الخير لكي أما عن الهاتف فهو فقط يريد الاطمئنان عليكي فأنتي لا تجيبي علي رسائله
أمل بعناد :ولن أجيب اخبريه بذلك اخبريه انني لم اعد أحبه ولا أريد رسائله
هويدا بخبث :إذن لما تمنعك رسائله من النوم؟؟؟
أشاحت أمل بوجهها دونما رد
أكملت هويدا وكأنها وجدت أخيرا نقطة ضعف تدلف منا محاولة فتح قلب أمل المغلق أو التي تظن انه مغلق :أمل أنتي تحبينه لا تنكري جميعنا نخطئ ليس علي ارض ملائكة , لكل منا أخطائه
أمل :ان ما فعله ليس خطئا بل جريمة , جريمة لا تغتفر
هويدا : ولكنك مازلتي تحبيه ولم تشعري بلحظة سعادة وهو غائب لما ترفضيه الآن , لما تصرين علي انك تستطيعين العيش دونه وأنت تعلمي انك لن تستطيعي , لقد مرت سنوات وأنت تعاني وتتألمي تنتظري ان يأتي اليكي وهو الآن قد أتي لما تتركيه وتكرري خطئه حين ظن انه سيستطيع نسيانك
شعرت أمل بمنطقية كلمات أختها ولكن منذ متى يخضع الحب لحسابات المنطق والعقل , فالحب شعور بالشغف يقارب الشعور بالجنون لا يخضع لأي معايير ولا أسس ولا يمكن حسابه بالمنطق أو العقل وهذا ما جعل أمل ترفض التفكير مجرد التفكير في كلمات هويدا وهذا ما جعلها تهتف فيها صائحة : هويدا ارجوكي كفي عن ذلك , أنا سأنساه حتى لو لم أنساه وبقيت عمري كله أحبه فلن أعود إليه كي يجرحني مجددا, ارجوكي لا أريد ان افتح هذا الحوار مرة أخري
رن هاتف هويدا النقال وما ان نظرت للاسم حتى ارتكبت وتلعثمت ثم أغلقت الهاتف دون ان تجيب
أمل : انه هو أليس كذلك ؟؟
لم تجب هويدا
قامت عن الطاولة وهي تهمهم : هيا بنا لقد تأخرنا
أمل: لا أنا لن اذهب للجامعة اليوم
هويدا :لما
قاطعتها أمل في محاولة لصب جام غضبها عليها , غضب اكتسبته عبر سنوات الأم والحزن وعبر ليالي الوحدة والندم, صاحت :هويدا كفي عن لعب دور الأخت الكبرى فأنتي لست كذلك , أنا لن اذهب اليوم
استسلمت هويدا لقرارها وذهبت
وما ان غادرت المنزل حتى فتحت جوالها واتصلت به
بعاطف
عاطف :هويدا لماذا لم تردي علي
هويدا : ولماذا أنت تتصل بي مبكرا هكذا ان أمل كانت بجواري
عاطف : حدث أمر جللا .. لن تصدقي
هويدا : ماذا؟؟
عاطف : عائشة بعثت لي برسالة لقد عادت
هويدا بدهشة عارمة :ماذا ؟ عادت إلي أين ؟؟؟
ثم قص لها عن الرسالة التي أتته
وما قصه لها كان امرأ لا يصدق … لا يصدق أبدا
*************************************
بعد بضعه أيام
——————–
استيقظت أمل من نومها مجهدة كالمعتاد
فتحت حاسبها
بحثت عن رسائل جديدة ولكنها لم تجد
كان قد كف عن إرسال رسائل منذ ما يقرب من ثلاثة أيام
حاولت ألا تهتم
ان توهم نفسها ان هذا ما كانت تريده
أبدلت ثيابها وغادرت الغرفة
“صباح الخير “
جلست هويدا علي المائدة دون ان تنبث ببنت شفة
ثم غادرتا معا
أمل : كيف حال عملك
نظرت لها هويدا بتعجب: بخير
أمل متجاهلة تلك النظرة : هويدا هل ؟
ثم سكتت فجأة
هويدا: هل ماذا ؟
أمل :لا شئ لا شئ
كانت تريد ان تسألها عنه ولكنها
لكنها تراجعت لن تسال عنه ولن تهتم هو ابتعد كما أرادت هي بالضبط
أو كما أرادت ان توهم نفسها
*************************************
ظل يمر من أمام المعهد يوميا كالمعتاد
فتح حاسبة المحمول كالمعتاد
ولكنه كف عن بعث الرسائل كما كان معتاد
كانت هناك رسالة من عائشة
قراها بهدوء ثم أغلق حاسبه
وظل يحدق في السماء
وكأنما علي وشك ان يخطو اكبر خطوة في حياته
في كل حياته
*************************************
بعد مرور أسبوعين
———————————–
كانت حزينة تشعر بالوحدة والألم من جديد
لقد اختفي و هذا ما إرادته فلما كل الحزن هذا
الم تطلب من هويدا ان تخبره بهذا الم تسعي لذلك , الم تتركه وتذهب , الم تستعيد كرامتها المهدورة وكبريائها المجروح لم كل هذا الألم إذن !!
لما ذلك الشعور المقيت بالضياع والتشتت
لم تعد واثقة انها كانت تريده ان يبتعد , لم تعد واثقة من أي شئ بعد الآن , لم تعد واثقة سوي من أمر واحد , انه وبالغرم من كل شئ لم تستطع ان تكرهه , بل لم تستطع ان تقتل ذلك الحب داخلها , انها تحبه , تحبه بجنون , تحبه كما كانت تحبه لحظة لقائه أول مرة وذاك الشعور لم يتغير أبدا ولم يقل رغم كل هذه السنوات
رغم كل هذه السنوات ورغم كل الجراح لم تستطع ان تمنع قلبها من ان يدق لحظة لرؤيته لم تستطع ان تمنع نظرة الهيام من عيناها ما ان التقت به , لم تستطع ولن تستطع وهذا هو الأمر الأكيد
وهذا هو الشئ الوحيد الذي تثق فيه ويجب ان تتصرف علي أساسه
انطلقت مسرعة لغرفة هويدا وكأنها تخشي ان تتراجع عن قرارها
أمل: هويدا علينا ان نتحدث
هويدا : ماذا
أمل : أين عاطف؟؟
رفعت هويدا حاجباها بتعجب : وما أدراني أنا؟
أمل بإصرار :هويدا أجيبيني! ان عاطف توقف عن بعث الرسائل لي من فترة طويلة لماذا؟
هويدا :أليست تلك رغبتك
أجابت بتردد : نعم انها كذلك ولكن أنا أريد ان اعلم لماذا توقف ؟
هويدا : لا ادري أنا نقلت إليه كلماتك الأخيرة عندما طلبتي أبلاغة بالتوقف عن بعث الرسائل أظنه رضخ لرغبتك أخيرا أو قد يكون مشغول بخطة سفره
نزلت الكلمة علي أمل كالصاعقة
أمل : سفر أي سفر؟
هويدا دونما تلتفت إليها وكان الموضوع ليس ذو أهمية: لست ادري انه كان قد اخبرني في أخر مكالمة من أسبوعين انه سيعود للسعودية مرة أخري لأنه ليس لديه هنا ما يبقي من اجله , أظنه سافر بالفعل أو علي وشك السفر عل الأقل
صمتت أمل نهائيا
غمغمت أمل وقد كست خيبة الأمل وجهها : هل ؟ هل سيتركني ثانيتا
هويدا: هذه المرة أنتي من تركتيه وليس هو ,. اظننتي انه سيبقي ابد الدهر يعتذر اليكي , اظننتي انك فقط من لديكي كرامة. هو أيضا كرامته تمنعه من ملاحقة فتاة لا تريده
أمل وكأنها تحدث نفسها :أنا انتظرته عامين كاملين وهو مل بعد ثلاثة أشهر فحسب
هويدا: انتظرتيه دون ان تعملي انه تزوج وحين علمتي لم تعطيه حتى فرصة الدفاع عن نفسه ,اعتقد ان هذا الكلام قد فات أوانه الآن , أليس كذلك . أم انكي تريدين العودة له؟
أمل وقد اهانتها فكرة تركه لها مرة أخري فعادت لعنادها : لا بالطبع لا ان فقط أردت ان افهم مايحدث
غادرت هويدا غرفتها ثم إستدارت
وجهها : أمل ان كان يعنيكي الأمر فعائشة عادت , انها هنا في مصر وتريد العودة لزوجها
تريد استعادة عاطف م أغلقت الغرفة خلفها وعلي شفتيها ابتسامة خبيثة
*************************************
كانت أمل تشعر وكأنها تهوي , تهوي في بئر عميق و.كانت حائرة لا تدري ماذا تفعل هي تحبه وعليها الاعتراف بذلك ولكنها أيضا لا تستطيع ان تفغر ما فعله بها
ولكنها لا تتحمل فكرة ان يتركها مرة أخري , يتركها للمجهول من جديد, يتركها لتصارع وحدها الوحدة والألم
مضت عدة أيام لم تستطع فيها النوم إلا ساعات متفرقة , كانت تقضي ليلها تفكر فيما يجب فعله وكيف عليها فعله
انها تعشقه هو من انتظرته سنوات مضت كيف تتركه يرحل مرة أخري كيف؟
(((((((حمل الزهور إليّ كيف أردّه وصبايا مرسومٌ على شفتيه )))))
——————————————————————————–
فتحت غرفة أختها بعنف ودخلت جلست أمامها دون ان تتكلم وكان ما ستقوله اقوي من قدرتها علي تحمله
شعرت بها هويدا : ما الأمر يا أختي اشعر وكأنك تحملين ثقلا علي عاتقك ؟ما الأمر؟
شردت ببصرها بعيدا دون ان تجيب
هويدا : ما الأمر يا أمل
أمل: هل أنتي متأكدة من عودته لها ؟
هويدا:لست ادري قد أخبرتك ما اعلمه ثم لم تهتمين الم تقولي انك لا تريدينه فلتتركيه يعود إليها انها حياته وليفعل بها ما يريد
أمل : هكذا بمنتهي البساطة , كنت أظن نفسه أطول؟
هويدا : إذن فأنتي كنتي تاديبنه وقرار بعدك لم يكن صحيح
أمل: حتى ان كان , ألا يحق لي ذلك؟
هويدا: لا ادري انه قرارك
نظرت لها أمل بغيظ وغضب شديدين: إذن أنا أحبه , أحبه ولا أريد ان اتركه , أحبه وأريد استعادته , هل أنتي سعيدة الآن
أشاحت هويدا بوجهها حتى لا تري أمل تلك البسمة علي وجهها :ولما أكون سعيدة انه قرارك
أمل: هويدا كفاكي تلاعبا بي , اخبريه انني سأفكر
هويدا : أنا لن اخبره شيئا هذا هو رقم هاتفه اخبريه ما تريدين
ترددت أمل طويلا قبل ان تأخذ رقم الهاتف ثم أخذته وهمت ان تنصرف
وقبل ان تغادر استوقفتها هويدا
ربتت علي كتفيها مطمئنة :أمل اطمئني انه رفض ان يعود إليها انها قد عادت لمصر بالفعل وراسلته اكتر من مرة , لقد أخبرته انها اخطات حين تركته وإنها لا تقدر علي بعده ومستعدة للعيش معه في أي مكان سواء في مصر أو السعودية , ولكنه رفض ان يعود إليها و قال انها اتخذت القرار الصحيح حين غادرت وهو ليس مستعدا لخوض تلك التجربة الفاشلة مرة أخري
ابتسمت أمل ابتسامة جذلة حاولت إخفائها دون جدوى وانصرفت
*************************************
بقيت أمل ليلتها تفكر ممسكه بهاتفها الجوال وكلما أهمت بالاتصال تراجعت مرة أخري وأغلقت الهاتف
ثم قررت شيئا أخر
شيئا جعلها تغمض عيناها وتنام نوما هنيئا لأول مرة منذ سنوات
*************************************
الصباح التالي
———————–
هويدا : ما الذي أيقظك مبكرا ؟ حسب علمي ليس لديكي محاضرات مبكرا ؟؟
أمل : أردت التحدث اليكي قبل مغادرتك
هويدا: ماذا ؟ هل اتصلت بعاطف؟
ابتسمت أمل ابتسامة ذات مخزي وقالت لأختها: كلا؟ ما رأيك لو تأخذيني لمقابلة صديقك ؟
ابتسمت هويدا بفرحة وهتفت: صديقي ؟ أتقصدين صديقي الذي
أومأت أمل : نعم صديقك الذي ..
*************************************
بعد عدة بأيام
((((((حتى فساتيني التي أهملتها فَرِحت به.. رقصت على قدميه))))))))
وقفت أمل طويلا أمام خزانة ملابسها وهي محتارة ماذا عليها ان ترتدي
ارتدت ملابسها وتأنقت كما لم تفعل منذ أعوام مضت
ارتدت اكسسوارتها و…….
وانصرفت مسرعة
امضي عاطف ليلته وهو يجهز ملابسه وكلما جهز شيئا عاد وتراجع عنه من جديد
ثم ارتدي ملابسه وغادر مسرعا
((((((((ما عدت أذكر والحرائق في دمي كيف إلتجأت إلي زنديه
خبأت رأسي عنده كأنني طفل أعادوه إلى أبويه ))))))))))
—————————————————–
جلس في الكافتريا قبل الميعاد بساعة لم يكن يطيق الانتظار
كان يدعو الله ان يمر الوقت مسرعا
كانت اللهفة والشوق لرؤياها تملئه
أخيرا وبعد سنوات لن يمنعهما شيئا
أخيرا وبعد سنوات سيكونان معا
كم طال الفراق
وكم طال البعد
لم يكن يظن ان خطة هويدا ستجني ثمارها وان أمل ستهرع له بعد ان تتصور انه سيسافر , ابتسم في سره حين تذكر كيف أكدت هويدا علي ان عناد أمل وهو الشئ الذي طالما أحال بينها وبين استسلامها لمشاعرها هو نفس الشئ الذي سيجمعهما مرة أخري الآن
شرد بصره وتذكر الأعوام الماضية وتذكر عائشة واختياره الخاطئ وكم عانيا معا , تذكر رسائلها في الأيام الماضية ورفض الأكيد لان يعاني معها مرة أخري حتى وان لم يعود لحبيبته أمل .. لأول مرة يشعر وكأنه يقوم بالعمل الصائب ويختار ما يرده فعليا وليس ما عليه فعله و
توقف عن التفكير بغتة
فهاهي أتت
أتت بخطوات رشيقة وابتسامة حب ونظرة شوق
أتت ومعها ضوء الشمس ولهيب الحياة .. أتت لتأثره من جديد ببسمتها وسحر كلماتها
أتت ليخضع لها بكل كيانه هذه المرة . هذه المرة لن يوقفه شيئا .. أي شئ .. هذه المرة لن يقاوم حبها ., بل سيترك نفسه ينغمس فيه حتى النخاع ,,
قمة الحياة حينما يموت غرقا في حبها
وهو علي استعداد ليحيا الآن علي أتم الاستعداد ان يحيا معها
*************************************
((((((((سامحته وسألت عن أخباره وبكيت ساعات على كتفيه
وبدون أن أدري تركت له يدي لتنام كالعصفور بين يديه )))))))))
—————————————————————————
رايته شعرت ببعض الغضب ولكنها تمالكت نفسها لم يكن هناك وقت للغضب
اقتربت منه
نظرت لعينيه مباشرتا
وتركت نفسها تغوص فيهما
تركت نفسها تستمع بعمق نظراته وهي تخترقها وتتوغل فيها
ثم ولأول مرة
مد يده بالسلام
دونما ان تنزل عينها عن عينيه
ولأول مرة تصافحه تركت راحتها بين كفيه في عناق طويل
جلسا متقابلين
حاولت ان تتكلم فما وجدت كلمات
هم ان يتحدث فذابت الأحرف
أمل هامسة :لم لا تتحدث
عاطف :لا أريد ان أتحدث
أريد ان انظر لعينيكي , فقط انظر لعينكي حتى أعوض سنين البعد والألم
أمل :أنت من تسبب ب..
قاطعها عاطف :كفي .. كفانا عتابا , لقد نلنا كفايتنا من الألم
صمتت لم تشأ ان تضيع فرحة اللقاء
لقاء انتظراه ثلاثة أعوام
ظلت راحتها تنعم بالسلام اللانهائي بين كفيه
وعيناهما تتعانقا وتتحدثا
سكتت أفواههم وتحدثت أعينهم
قالت له ألف احبك
وقال لها إلف أهواكي
قطع عاطف الصمت الجميل :أمل كفانا ما ضاع .. اتتزوجيني؟؟
نظرت له نظرة طويلة نظرة حب وحنان واندهاش
لم تكن تتوقع ان يطلب منها هذا الآن
تلعثمت وكست حمرة الخجل وجهها فاكسب خمريتها لونا ورديا جميلا
أومأت برأسها بالإيجاب دون ان تتحدث
نعم أتزوجك
عاطف : أمل قوليها .. لم اسمعها منك من قبل
وبكل لهف وحب وشوق الدنيا
همست : نعم أتزوجك
نعم .. احبك
اقترنت يديهما وأعينهم وماعدا يفترقا ابد
لتعلن انها أبدا لم تعد وحيدة
ومن حولهم تغرد الرائعة نجاه عبر مذياع الكافتريا
لتؤرخ قصة حبهما ولتضع لها أروع نهاية
ونسيت حقدي كله في لحظة من قال إني قد حقدت عليه
كم قلت إني غير عائدة له
ورجعت… ورجعت……
ما أحلى الرجوع إليه ما أحلى الرجوع إليه