منتدي أوراق عربية

نجح الشعب المصري وانهزمت مدرسة الوطني في الانتهاكات الانتخابية

 

الدكتور عادل عامر

أن الصوت الانتخابي لا يتم تزويره، وأن الشعب سيظل الحاكم الفعلي ومصدر السلطات وانتهى الجزء الأول من فيلم «الانتهاكات الانتخابية»، الذى قام ببطولته بجدارة، حزبا الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، والنور السلفي، واللجنة العليا للانتخابات التي فشلت فى كتابة سيناريو وإخراج الفيلم. منظمات حقوق الإنسان، رصدت قائمة الانتهاكات، بينما اعتبر كثير من المحللين السياسيين والمتابعين للعملية الانتخابية، ممارسات أنصار مرشحي التيار الإسلامي، سيرا على خُطَى الحزب الوطني «المنحل».المجلس القومي لحقوق الإنسان، ذكر أن وحدة دعم الانتخابات، رصدت قرابة 1350 شكوى، تم إنهاء غالبيتها فى الحال، من خلال اتصاله المباشر مع اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات. وأوضح أن السمة الغالبة فى الانتهاكات، كانت فى أمور تنظيمية خاصة باللجنة العليا المشرفة على الانتخابات، منها تأخر فتح اللجان. وأصدرت الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي تقريرا نهائيا، أكدت فيه أن غياب القانون كان أبرز انتهاكات المرحلة الأولى. وأوضحت أن أحزاب الحرية والعدالة، والنور السلفي، والمصريين الأحرار، والمحافظين، مارست انتهاكات الدعاية الانتخابية أمام وداخل اللجان. وأوضحت أن اللجنة العليا لم تدر العملية الانتخابية بالكفاءة المطلوبة على مدى اليومين الماضيين. وأوضحت أن ذلك تجسد فى تأخر فتح اللجان وغياب بعض القضاة ووجود بعض بطاقات التصويت غير المختومة. إن التيار الإسلامي مجتمعا، قد تتجاوز نسبة فوزه 60% من مقاعد المرحلة الأولى أن «جميع الأحزاب السياسية سعت لتحقيق أكبر عدد من المقاعد فى المرحلة، لذا وجدنا عديدا من الانتهاكات التي مارسها التيار الإسلامي»، فى أغلب الأحيان. الانتهاكات والتجاوزات التي وقعت فى المرحلة الأولى، من المتوقع أن تقل فى المرحلتين الثانية والثالثة». أن كثيرا من الانتهاكات كان لعدم انتظام عمل اللجنة العليا للانتخابات، وهو ما يمكن تصحيحه فى المراحل المقبلة إن جميع الأحزاب السياسية اخترقت القانون خصوصا فى جانب الدعاية الانتخابية خارج وداخل اللجان، وكذلك الحال بالنسبة إلى المرشحين على المقاعد الفردية. أن التيار الإسلامي كان صاحب النصيب الأكبر فى الدعاية، التي أخذت أشكالا متعددة. أن الدعاية الدينية، التي مارسها التيار الإسلامي، فى انتخابات 2011، تتوازى مع الدعاية الانتخابية التي كان يمارسها الحزب الوطني «المنحل» فى الانتخابات السابقة، مع اختلاف الوسائل. أن المرحلة الأولى من الانتخابات شهدت ارتباكا واضحا على جميع المستويات أن غياب الحزب الوطني «المنحل» خلّف فراغا شديدا، استغله التيار الإسلامي، بحرفية من حزب الحرية والعدالة، و«غَشَم» من حزب النور السلفي، فى حين فشلت الأحزاب الليبرالية الحديثة، فى الاستحواذ على نسبة من الفراغ الذى خلفه الحزب الوطني أن حزب النور السلفي مارس الدعاية الانتخابية على نطاق واسع، نظرا إلى حداثة الحزب فى ممارسة العمل السياسي، مما جعله يخوض الانتخابات، دون أن يفصل بين ما اعتاد عليه من سنوات طويلة، فى الدعوة الدينية وممارسة العمل السياسي، الذى يحرم استخدام الدين فى العمل السياسي. ***في كل الثورات الكبيرة التي شهدتها دول العالم كان هناك ما يشبه الفوضى السياسية وعدم الوضوح في الرؤية من حيث الأهداف والتطلعات والثورة المصرية ليست استثناءً منها لكن التحوّلات التي نراها في المزاج العام المصري تؤشر على غياب البدائل وغياب التنسيق بين محركات الثورة من أحزاب نتيجة حسابات سياسية ومصلحيه بحتة وكأن ما يجري في مصر غنيمة كل قوة سياسية تريد حقها دون تقدير سياسي واضح لحجمها وقوتها في الشارع المصري مما يؤذن بإطالة أمد الأزمة وتفرعها إلى أهداف جانبية من الصعب الوصول إلى توافقات حول التسوية السياسية النهائية. القوى السياسية التي ساهمت وشاركت في الثورة تدرك أن الفترة الفاصلة بين موعد الانتخابات النيابية وبين حصصها واستحقاقها الانتخابي فترة حرجة، تتطلب المزيد من المزايدات السياسية ورفع سقف المطالب لإرضاء الجماهير وكسب عواطفهم، وكل ذلك يتم في فضاء مناورة سياسية مليئة بالفوضى والقتل وتأزيم للشارع، وهذا لا يتم في دول سبقتنا في المجال السياسي الديمقراطي. الخشية الدائمة هي نزوع فئات لاختطاف الثورات العربية وتجييرها لحسابها الخاص وفي مصر شيء من هذا القبيل يحدث. إن الاعتصامات والإصرار على رفض كل ما يأتي به المجلس العسكري في مصر ومواجهته ميدانياً في الشارع سوف تطيل الأزمة وقد تدفع البعض من المزايدين إلى رفض نتائج الانتخابات النيابية، وهو خوف علينا أن نأخذه بجدية. لن ينسي المصريون عرس الديمقراطية في المرحلة الأولي للانتخابات البرلمانية , ففي الوقت الذي يشعر فيه المرء بحريته, يدرك أنها تستحق التضحية, أن النخبة في مصر تقنع النظام والمواطنين بوجهة نظرها دون أن تكون بالأساس صحيحة, فيما يكسر المصريون حاجز الخوف كما حدث في ثورة 25 يناير، موجهين رسالة بأن الناس تحترم الطوابير الانتخابية على عكس الطوابير الخدمية, أن مصر الحقيقية انتصرت في تجربة الانتخابات وكانت كلمة الشعب هي العليا. “إن الشعب المصري أثبت تحضره الانتخابي”.

*** كانت المرأة المصرية في السابق لا تؤدي دورها في الانتخابات البرلمانية، لأنها كانت لا تهتم بالسياسة، ولا تعلم عنها شيئًا، إلا أن الثورة المصرية وما تبعها من أحداث أثقلت من وعيها السياسي، وانعكس ذلك على نسبة المشاركة التي تقدرها بعض المؤشرات الأولية للمرحلة الأولى بأكثر من 85%. ، لأن الشعب يريد وينفذ ما يريد، رغم أن هناك قوى، مهمتها الحيلولة دون ذلك. لقد صارت المرأة المصرية تتحكم بشكل كبير في رسم الخريطة السياسية، فالنسبة الكبرى من الشعب المصري من النساء، ونتيجة للأحداث الجارية أصبح الجانب السياسي في حياة المرأة المصرية أساسيًا، بعدما كان مقتصرًا على العاملات في المجال أو الناشطات السياسيات. ضرورة تلافي السلبيات، التي شهدتها المرحلة الأولى من الانتخابات، وطرق التأثير على المرأة البسيطة والريفية، خاصة الأميات منهن، حيث صوّر لهن البعض أن هناك حربًا بين الإسلاميين والعلمانيين للاستيلاء على سدة الحكم. وإن كانت نسبة حضور الناخبات المصريات  تعبّر عن موقف المرأة في رسم ملامح البرلمان المصري، فإن نسبة المرشحات على قوائم الأحزاب شهدت تراجعًا لدور المرأة في أول برلمان بعد ثورة يناير. في هذا الصدد  وهذه دراسة للوقوف على نسبة التمثيل النسائي على قوائم الأحزاب السياسية، وكشف عن أن الأحزاب التي وضعت المرأة على رأس القائمة، هي أحزاب العدل والمحافظين والجبهة الديمقراطية والمساواة والتنمية، وكما جاء في الدراسة فإن نسبة السيدات المرشحات على القوائم على المقعد الثاني بلغت 7%، والثالث نسبة 14%.بينما كانت أعلى نسبة من نصيب المقعد الرابع بـ 23.8%،  وعلى الخامس بـ 10.3%، فيما جاءت نسبة السيدات على المقعد السادس 12.6%، وعلى المقعد التاسع 3.7%، وعلى العاشر بنسبة 6%. ليس مشهدًا حضاريًّا ولا نيلة، ولن يذكره التاريخ ولا الجغرافيا، لأن هذا المشهد هو الطبيعي في كل دول العالم المحترمة، والشعوب الحضارية، نحن فقط مندهشون لأننا أبناء الفوضى، ولسنا أبناء النظام بأي حال من الأحوال، ولا يمنه أحد علينا نحن المصريين، فالخوف من غرامة عدم التصويت ببطاقة الرقم القومي هو السبب الحقيقي لحشد جموع المواطنين على أبواب لجان التصويت، أما تصويت أغلبهم في العشوائيات والقرى والنجوع لصالح تيارات الإسلام السياسي فله سبب آخر وجيه، هو أن هذه التيارات هي الأقرب إلى تلبية حاجته والثائر في معتقدي لا يُعذر بجهله، لأن الجهل ضد الثورة، والثورة فعل عالم، والعالم إذا قال في أي بلد محترم يستمع له الناس ثم يفكرون فيما قال، أما أن تكون ثورة بلا قائد، أو نظام بديل، أو برنامج، فهذا عين العته، والجهل وأكثر من ذلك فإن جماعات الشباب الثائر تشرذمت وانقسمت، وتعددت “الائتلافات الثورية” كما يطلق عليها، وبلغت أكثر من مئة وخمسين ائتلافًا. وقد أدى هذا التشرذم المؤسف إلى تفتيت جبهة الثورة المنتصرة، وإفساح المجال للقوى السياسية التقليدية وعلى الأخص التيارات الدينية، للقفز على قطار الثورة، بل وتصدر المشهد السياسي بحكم صرامة التنظيم ووحدة القيادة. ولم يفطن شباب الثورة في الوقت المناسب إلى أن غياب القيادة وعدم تشكيل جبهة ثورية واحدة تضع خطة هدم النظام القديم بالكامل رموزًا وسياسات، وتصوغ رؤية لمستقبل النظام السياسي، أدى إلى نتيجة بالغة السلبية على مسار الثورة، تتمثل في حشر الثورة في نفس المسارات السياسية التقليدية للنظام السياسي القديم، والتي تتمثل في إجراء انتخابات لمجلس الشعب والشورى بالقواعد نفسها التي كانت تجرى بها الانتخابات سابقًا. والغريب أن يقبل شباب الثورة الدخول في نفق الانتخابات التقليدية المظلم، وهم لا خبرة لهم إطلاقًا بالشارع السياسي، ولا بالتفاعلات الاجتماعية المعقدة التي تحكم عملية الانتخابات الفردية، التي كانت تقوم أساسًا على العصبيات في الريف وعلى الرشاوى الانتخابية، على رغم أن القانون يجرمها.

 

 

 

متابعينا علي فيسبوك
اضغط لتقييم المقال
نشكرك للتقييم ، رأيك يهمنا :)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق