روايات مُسلسلةمنتدي أوراق عربية

جابر القصاص لموقع أوراق عربية …. المُحاكمة – قصة مُسلسلة ج 1

 

جابر القصاص لـ موقع أوراق عربية …. المُحاكمة – قصة مُسلسلة  ج 1

 

الحاجب ينادي اسمي بحماسة.. بنشوة.. بظفر.. بتشفٍّ..

(ياسر محمد السيد عبد الرحيم)! إنه حتى لا يكتفي باسمي واسم أبي، يصر على الاستمرار حتى الاسم الرابع،

ما الذي يملؤه بكل هذه الحماسة والنشوة والتشفي تجاهي، وهو لا يعرفني من الأساس؟

أعتقد أن الأمر بذاته يمنحه متعة كبرى،

ربما لو حكم القاضي ببراءة أي متهم هنا سيشعره بالحنق لأنه لن يجد المتعة التي يجدها في حال الإدانة،

وأظن أيضًا أن المتعة والنشوة يصلان إلى ذروتهما إذا كان الحكم بالإعدام، أو المؤبد، وتقل تدريجيًا كلما نقصت العقوبة،

ترى إلى أي درجة سيستمتع بعقوبتي؟!

لا أعرف حتى الآن كم ستكون عقوبتي، فقط أعرف أن العقوبة مؤكدة، ولا أمل على الإطلاق في البراءة!

الحاجب ينادي اسمي بحماسة.. بنشوة.. بظفر.. بتشفٍّ..

لقد حان الدور عليّ، إنها القضية الحادية عشرة في الترتيب، مؤكد أنه ثمة قضايا أخرى تالية،

لقد تم تأجيل النطق بالحكم في خمس قضايا، بينما صدر الحكم الباتّ في خمس قضايا أُخرى،

الكفتان متساويتان، مما جعلني أجد صعوبة في تخمين ما سيحدث لي، تأجيل أم نطق بالحكم،

وذلك المحامي البدين الوغد – الذي يفترض أنه يدافع عني – قال لها إنها (ربما) تكون جلسة النطق بالحكم..

– “لا تقلق.. لقد عملت على تحويل مسار القضية من الاتجار إلى التعاطي، تأكد أن الحكم سيكون مخففًا!”

تبًا لك! يتحدث كما لو كان إنجازًا، لكني في جميع الأحوال سأسجن، هل من أمل لي في أن يقتصر الأمر على غرامة فقط؟

– “عقوبة الاتجار قد تصل إلى المؤبد والإعدام، احمد ربك على أنك نجوت من هذا! التعاطي أمره أهون بكثير..”

لكني سأحبس في كل الأحوال!

ما زال المحامي الوغد يحاول طمأنتي:-

– “الحكم لن يزيد على عامين على الأكثر، وقد مضى عليك أكثر من نصفها في الحبس الاحتياطي،

يعني لن يستغرق الأمر سوى بضعة أشهر وتغادر!”

هل يفترض أن يطمئنني هذا؟ أنا أريد أن أخرج الآن.. لا أحتمل المزيد من السجن، الآن أيها الوغد، لقد حصلت على مبلغ ضخم مقابل إخراجي من هنا!

– “لا يمكن أن يحدث هذا! لقد كان معك (كوكايين)، أتدري ما معنى أن يكون في حيازتك (كوكايين)؟

كما أنهم قبضوا عليك في مكان مخصص لتعاطي هذه الأشياء، لو اقتصر الأمر على (استروكس) أو (ترامادول) لكان أهون!”

لماذا تتحدث معي بهذه الصرامة أيها الوغد؟ أنا من أدفع لك الأموال لا أنت، أنت أجير عندي أنا، ليس العكس..

الحاجب ينادي اسمي بحماسة.. بنشوة.. بظفر.. بتشفٍّ..

أطالع وجوه الحاضرين، لا أعرف أحدًا منهم سوى هذا المحامي الوغد البدين، لا أصدقاء، ولا أحد من أسرتي على الإطلاق!

لا أحد ينظر إليّ محاولًا إظهار التفاؤل ليهون عليّ الأمر، كان لي صديق اسمه (عاطف) يزورني في محبسي،

ولم يستنكف صداقتي، ولم يستخز منها، رغم أني واثق من أن بعض رعاع الحي قد عيروه بصداقتي،

وأثق كذلك أن أسرته نهته عن الاتصال بي، فما ظنك وقد صرت متهمًا بالاتجار في المخدرات،

ويرى ذلك المحامي البدين الوغد أنه فعل إنجازًا بتحويلها إلى مجرد التعاطي! لكن (عاطف) كف عن زيارتي منذ فترة،

ولا أعلم عنه شيئًا الآن..

أين أبي؟ وأين أمي؟ وأين إخوتي؟ لا أحد منهم هنا!

لا أصدقاء يتمسكون بي، وحتى أسرتي تخلت عني، بل أدانتني قبل أن تفعل المحكمة ذاتها،

وأصدروا حكمهم عليّ قبل أن تفعل المحكمة، ماذا كان حكمهم؟

التبرؤ مني بدون أدنى شك! وهذا يعني أني مطالب بالبحث عن مأوى بعيدًا عنهم بعد أن أغادر الحبس، لكن متى سأغادر الحبس؟

ما فهمته من ذلك المحامي البدين الوغد أن الحكم في قضايا التعاطي يقتصر على الحبس سنة واحدة،

مع غرامة تتراوح ما بين ألف جنيه واحد، وثلاثة آلاف جنيه، لكن في حالتي أنا يتوقع مضاعفة الحكم إلى عامين لأن المواد المخدرة التي يفترض أنهم ضبطوها معي شديدة الخطورة! أنا حبيس منذ أكثر من عام على ذمة القضية،

جلسة وراء جلسة وراء جلسة، حتى هذه الجلسة لا يجزم ذلك المحامي البدين الوغد بأنها ستكون الأخيرة!

أمقت هذا المحامي الوغد، بقامته القصيرة البدينة، ووجهه المنتفخ المليء بالبثور، وطريقة كلامه وهو يحاول دائمًا إقناع الآخرين بأنه يفهم كل شيء، أنا أمقت المحامين بصفة عامة، لكني أمقت هذا المحامي بشكل خاص،

(عاطف) هو الذي جلبه لي، وأكد لي أنه خبير بمثل هذا النوع من القضايا، لكن البراعة الوحيدة التي يمكنني أن أقتنع بها هي تلك البراعة التي تخرجني من هنا،

لكنه من اللقاء الأول مقتنع – ويحاول أن يقنعني – بأن البراءة مستحيلة، وأن معركتنا ستكون فقط في إطار تحويل القضية من اتجار إلى تعاطٍ، ويزعم أنه نجح في ذلك!

قال لي (عاطف) في محاولة لإقناعه به:-

– “كل المحامين الذي قصدتهم طلبوا مبالغ ضخمة، هو الوحيد الذي أبدى استعدادًا للتفاهم حول أتعابه،

كما أنه لديه خبرة لا بأس بها في هذا النوع من القضايا!”

وبالطبع في محبسي لم يكن أمامي سبيل سوى الثقة في (عاطف) واختياراته، لأنه صديقي حقًا،

ولا يوجد أي سبب يدفعه لخداعي، لكني لا أثق بهذا المحامي ألبتة، من أول ما وقعت عيني عليه، فقط أتعشم أن أكون مخطئًا بشأنه!

لا أعرف أحدًا من الحاضرين إطلاقًا سوى ذلك المحامي البدين الوغد! أعتقد أنهم هنا من أجل القضايا الأخرى التي سبقت وتلي قضيتي، سمعت الشهقات مرارًا مع كل نطق بالحكم، مع بعض النحيب،

المرعب أني لم أسمع قط الزغاريد التي تقترن عادة بالبراءة،

لأن هذا القاضي العابس المتجهم لم يصدر حكمًا بالبراءة قط طيلة وقوفي في هذا القفص، كل الأحكام التي أصدرها كانت بالسجن لمدد متفاوتة، أقصاها المؤبد، وأقل حكم كانت السجن ثلاث سنوات!

هل أكون أنا صاحب الحكم الأخف من بين كل الماثلين بجواري بهذا القفص الحديدي البغيض؟

حتى الواقفون بجواري في القفص لا أعرف أحدًا منهم، وإن كنت أشبّه على بعضهم أنه كان معي بالحبس الاحتياطي، لكني لا أعرف أسماءهم!

الحاجب ينادي اسمي بحماسة.. بنشوة.. بظفر.. بتشفٍّ..

لقد حانت اللحظة!

– “حكمت المحكمة حضوريًا، على المتهم (ياسر محمد السيد عبد الرحيم) بالسجن خمس عشرة سنة مع الشغل!!”

تبًا! كم أمقت هذا المحامي الوغد البدين!!

يـــتبع

لمتابعة المزيد من أعمال  جابر القصاص بــ موقع اوراق عربية / روايات – قصص مسلسلة 

لمتابعة المزيد من الأعمال بـ موقع اوراق عربية / روايات – قصص مسلسلة علي فيسبوك 

متابعينا علي فيسبوك
اضغط لتقييم المقال
نشكرك للتقييم ، رأيك يهمنا :)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق