روايات مُسلسلةمنتدي أوراق عربية

جابر القصاص لـ موقع أوراق عربية …. المُحاكمة – قصة مُسلسلة / النهاية

 

إلى متى سأظل هنا وأنا بريء؟
وماذا بوسعي أن أفعل لأصمد هنا؟
لا سبيل أمامي هنا سوى: أن أنام.. ثم أصحو من النوم.. أتناول الطعام.. أثرثر مع الآخرين.. ثم أنام.. ثم أصحو من النوم..

أراقب ضوء النهار الذي يتسلل إلى العنبر، أو ضوء مصابيح الليل الواهنة التي تأتي من الطرقة الخارجية، أو أتشرب ضوء الشمس في الفناء حين يسمحون لنا بالخروج إليه.. ثم أنام.. ثم أصحو من النوم..

أحاول أن أتذكر التقويم لأعرف في أي يوم أنا، وكم مضى عليّ هنا، وكم يتبقى لي حتى أغادر إلى الهواء الطلق.. ثم أنام.. ثم أصحو من النوم..

أصطف مع الآخرين في طابور الطعام حتى أحصل على وجبتي.. أثرثر مع الآخرين أثناء تناول الطعام.. أثرثر مع الآخرين بعد الانتهاء من الطعام.. ثم أنام.. ثم أصحو من النوم..

أتعارك مع سجين آخر على أتفه الأسباب، ثم أفض عراكًا بين آخرين نشب لأتفه الأسباب.. ثم أنام.. ثم أصحو من النوم..

أثرثر مع الآخرين.. أستمع إلى حكايا أيامنا العشرة السرمدية، وأتظاهر بالصديق! ثم أنام.. ثم أصحو من النوم..

ثم أنتظر زيارة من أحدهم لا تجيء!!
لا زيارات تأتيني على الإطلاق!
لقد خسرت كل شيء..

خسرت حياتي.. سمعتي.. حريتي.. عائلتي.. مستقبلي.. كل شيء.. كل شيء..
– “أنت على حق!”
لا أستطيع الكذب أكثر من هذا.. لا أستطيع!

– “أنا فعلًا مذنب! أردت أن أطلع السلم كله بوثبة واحدة..

عرفت أنه في بلادنا يفوز الأثرياء بكل شيء، حتى المحبوبة، والفقير عليه أن يتقبل أي شيء يناله، ويتقبل حرمانه أي شيء لا يملكه.. لقد خسرت حبيبتي، ورأيت زملائي يصلون إلى أعلى الدرجات وأنا في الحضيض! أردت أن أعوض كل هذا بالممنوعات، فخسرت أكثر وأكثر!”
الكذب لم يغير شيئَا! لكن هل ستغير الحقيقة أي شيء؟
وهل حان وقت الرهان على الحقيقة؟
– “أردت أن أقتني تلك الجاكوار الفارهة، فلم أنل إلا القضبان وهذا العنبر المظلم!”
لماذا لا يرد؟

يبدو أنه قرر أخيرًا أن يستمع فقط، دون أن يتكلم..
أردت الحقيقة يا صديقي؟ ها قد حصلت عليها! أنا مذنب فعلًا، وكنت أكذب وأقول لك – وللآخرين – إني بريء!
الآن ماذا بعد الحقيقة؟ أعتقد أني سأنتظر مثلك.. أنتظر أن أموت خلال ساعات، أو أيام، أو أشهر! أو أن يحالفني الحظ وأجد فرصة للهروب كـ (إدموند دانتي) أو (آندي دوفراين)، اللذين لا أعرف عنهما شيئًا.. أو ربما أمرض وأحصل على إفراج صحي..
ولكن ماذا أفعل حتى يحدث أي من هذا؟
– “(حسيني) يا صديقي!”
– “نعم؟”
– “متى يحين دوري في الديكاميرون؟!”

(تـمـت)

لمتابعة المزيد من أعمال  جابر القصاص بــ موقع اوراق عربية / روايات – قصص مسلسلة 

لمتابعة المزيد من الأعمال بـ روايات – قصص مسلسلة / موقع اوراق عربية علي فيسبوك 

متابعينا علي فيسبوك
اضغط لتقييم المقال
نشكرك للتقييم ، رأيك يهمنا :)
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق