رُكن المقالاتمقالات سياسيةمنتدي أوراق عربية

حامد بدر لموقع أوراق عربية …بين الربيع العربي والهرَج الأمريكي – مقال

حامد بدر لـ موقع أوراق عربية …بين الربيع العربي والهرَج الأمريكي – مقالات

 

لا ينسى المرء حدثًا جللاً، وحدث الأمس وإن قارب العقد على انتهاءه، فإنه كان جليلاً ومتجليًا كالشمس في الإصباح،

وأبرزها واقعة تعذيب المواطن الشاب “خالد سعيد” في أواخر مايو من العام 2010، على أيدي عناصر من الشرطة

– آنذاك – والتي تعرض الضحية على إثرها للوفاة.
كان الحدث الذي يفصلنا عنه قُرابة العقد، كثر قسوة وإرهابًا – وقتها – وخاصةً بعدما كانت شهادة شهادة الطبيب الشرعي محمد عبدالعزيز، أمام محكمة جنايات الإسكندرية في العام 2013،

والتي أقرَّ بأن الوفاة حدثت نتيجة “إسفكسيا الاستنشاقية”، والتي نتجت عن حشر لفافة في فمه.

كان كل ما سبق وما سبقه من عنف وحالة من عدم الاتزان السياسي، وحالات أخرى من العنف الشرطي،

دافعًا لقيام ثورة الخامس والعشرين من يناير، على مستوى المشهد المصري، وعلى مستوى تونس التي رأينا فيها ثورة الياسمين، إثر إضرام محمد البوعزيزي النار في نفسه، أمام مقر ولاية سيدي بوزيد؛

احتجاجاً على مصادرة السلطات البلدية في مدينة سيدي بوزيد لعربة كان يبيع عليها الخضار والفواكه لكسب رزقه،

وللتنديد برفض سلطات المحافظة قبول شكوى أراد تقديمها في حق الشرطية التي أهانته،

لتصير هذه النيران شرارة لانطلاق ثورة الياسمين.

لقد لازم وما زال يلوم البعض الربيع العربي، بل ويصفونه بأبشع الأوصاف، فقط لأنه ساهم في الإخلال باستقرار مزعوم، غاضِّين الطرف عن صحوة في الشباب العربي، حوّلت أنظار العالم عن غيره، لتنبهر إجلالاً لانطلاقه.

لقد قالوا حينها مؤامرة، وآخرون فوضى، وآخرون نكسة على الأوطان،

لم ولا ينبهون إلى أنه حينها كان انتفاضًا نقيًا لشباب أرادوا أن يشعروا بإنسانيتهم، ويطالبون بأدنى حقوقهم في العيش الكريم والأمان الطبيعي الذي يتحدث عنه الساسة في مؤتمراهم.
لقد قالو وفنَّدوا الأحداث على أنَّها تعطيل لمسار الحياة الطبيعية لديهم.. لقد قالوا الكثير ..

قالوا ذلك على مستوى الداخل والخارج.
واليوم وبعد قُرابة العشرة أعوام، حدث مشابه في بلاد أخرى .. في الولايات المتحدة .. رمز الحريات والديمقراطيات ..

حدث مشابه داخل بلدة “سيسيرو” بولالية “إلنوي” رجل شرطة يضغط بإحدى ركبتيه على عنق مواطن أمركي يُدعى “جورج فلويد”، تسعة دقائق تقريبًا، وسط صراخات للأخير “لا أستطيع أن أتنفس”،

حتى فارق الحياة، كانت هي أيضًا شرارة لغضب من السود في المدينة، الذين لا زالوا يعانون اضطهادًا داخل المجتمع الأمريكي، لم يشفع له دعوات الحرية ولا أحلام مارتن لوثر كينغ في الستينات.

اشتعلت نيران الغضب، وانتشرت معها من الفوضى اللامسئولة،

لتسود حالة من الهرج والمرَج التي أصبحت تعانيه الولايات المتحدة، والتي حوَّلت الأخيرة إلى وضع مزرٍ جدًا..

وعلى جانب آخر يهدد “ترامب” باتخاذ إجراءات مشددة، ونشر تهديدات لخصومه السياسيين،

فراكب ذلك عنف الشرطة أمام المحتجين، فبدت المسئولية في غير محلها.
انتقلت أعمال العنف، والحرق، والنهب، إلى بلدتي مينيابوليس وسانت بول المجاورة وقال تيم والتز،

حاكم مينيسوتا، السبت إنه سينشر الحرس الوطني للولاية كاملا للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية،

مقرًّا بأن العنصرية في ولايته خلقت الظروف التي أدت إلى وفاة فلويد.

وأخيرًا .. يوجه الكثير من النشطاء عبر صفحاتهم الاجتماعية عبارات اللوم إلى جمعيات حقوق الإنسان التي ترعاها الولايات المتحدة، متناسين أن ما يحدث من غضب نتيجة لا دافعًا لأمر آخر،

وأن هناك أسبابًا ودوافع للعنف في العالم يجب دراستها على محمل المسؤولية الجادة.. ولكن .. دعنا منهم.
اليوم ..

فهم العالم الفارق الواضح بين انتفاضات عربية كانت تقف وراءها الكثير من الحقوق والرغائب النبيلة وقف الظلم حيال تحقيقها،

و عنصرية تقف وراء أحداث عنف لها جذور من مئات السنين ولا حلول جذرية لإنهائها، فيقع إثرها الضحايا.

اليوم يرى العالم فارقًا جللاً بين من وقفوا قبل تسع سنوات لتنظيف الميدان، وبين فوضى النهب في الأوطان ..
اليوم فهموا الفارق بين الربيع العربي و الهرج الأمريكي.

لمتابعة المزيد من كتابات حامد بدر  – مقالات  / موقع أوراق عربية 

لمتابعة المزيد من الأعمال بـ موقع  أوراق عربية علي فيسبوك 

متابعينا علي فيسبوك
اضغط لتقييم المقال
نشكرك للتقييم ، رأيك يهمنا :)
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق