منتدي أوراق عربيةمنتدي القصة القصيرة

سارة إبراهيم لموقع أوراق عربية ….. ” كابوس وردي ” – قصة قصيرة

 

سارة إبراهيم لـ موقع أوراق عربية ….. ” كابوس وردي ” – قصة قصيرة

كانت ليلة غابرة بالعواصف،تقطعت فيها غصون الأشجار من شدة الرياح،وتهدم منها الضعيف من البيوت،

وقُتل بضعة أشخاص جراء مس كهربي بسبب الأعمدة الكهربائية التي سقطت واحدةً تلو الآخرى في الماء المنهمر تحت أقدامنا،ربما كانت تلك العواصف سبباً لرفع أرواحهم للسماء.

وبرغم حدة الجو وشدته،وجدنا باب بيتنا يطرق.
توجهت لمعرفة من الطارق فإذا به عصام “خطيبي”،تعجبتُ من زيارته الغريبة في وقتٍ يكّنْ الناس في ببيوتهم احتماءاً من مكر القدر.
تقدم إلى الداخل وجلس مع أبي وظلا يتناقشان لوقت طويل بما حل بالعالم فجأةً وبذلك الڤيروس الذي لم أكن مهتمة بأخباره وحقيقة كلما سمعتُ أحدهم يذكره ابتعدت عن المكان قدر ما استطعت.

أبي:إنه غضب من الله علينا يا عصام يا ولدي،فقد أصبحنا في الذنوب غارقين ومجاهرين بها،ألا تظن أنه غضب من الله ليخبرنا بأنه قد سئم أفعالنا؟
رد عصام:الله لا يسئمُ من عباده أبداً يا عمي،هو فقط يشدنا إليه كلما ضللنا الدرب.
_صدقت التعبير يا بني.

ثم انضممت إليهم وتفتح بين أبواب الحديث أمر موعد زفافنا،فوكلت أبي هذا الأمر،فحقاً لم يكن يشكل هذا الأمر فارقاً كبيراً بالنسبة لي.

وفي نهاية الحديث اتفقا على أن الزفاف بعد شهر ونصف من الآن..

استقظتُ صباح اليوم التالي ممسكة بهاتفي لأتصفح”الفيسبوك” إلى أن أفيق تمام من رقدتي،

ولاحظت أن البشر أجمع والصفحات الإخبارية حتى الكبيرة والمشهورة منها لم يكن لهم حديث سوى ذاك الفيروس والذي قد أودى بحياة العشرات في بداية أيامه،لم أعر انتباهاً للأمر ولم يُثار فضولي حتى لأبحث بالمزيد عن تطوراته،ف

الصين بلدٌ متقدم،لا تخفى عنه خافية،أفسيغلبون في القضاء على ڤيروس؟!
والحقيقة بشعوري بعدم الشفقة تجاههم هو اضطهادهم مؤخراً لمَن يُدعون ب”مسلمي الإيغور”،فظننا جميعاً كما ظننتم أنه انتقام إلهي من السماء لهؤلاء الكفرة البررة.

بعد أسبوع من تلك الأحداث تلقينا اتصالاً هاتفياً من “خالي” الذي يقطن في”ڤينيسيا” بإيطاليا وأخبرنا كم أنه اشتاق لنا وأحاديث آخرى بريئة من طبعه المعروف؛

فقد تشاجر خالي قبل ثلاث سنوات مع أمي وأخواتها البنات على الميراث الذي قد تركه لهم أبيهم (جدي)،

وقد احتال خالي على خالاتي وكذلك أمي ثم ولَ هارباً نحو إيطاليا ولم لم يعطهم حقهم.
يومها،أتذكر خالتي “سعاد”_ الكبرى من بينهم_صرخت في وجهه بكل قهر إلهي متلاقي حد يمشي في جنازتك يا بعيد!
نظرة الكوكب قد تغيرت صوبنا منذ بداية هذا العام وكأنه قد قرر صب كل ما حمله ببطنه طوال تلك الأقران الفائتة بسبب البشر ومفتعلاتهم.

تلقينا مكالمة من السفارة المصرية بإيطاليا بخبر وفاة خالي

بسبب ڤيروس Covid-19 المُنتشر مؤخراً في الصين بعد تسلله لعدة دول مجاورة.
أخبرونا كذلك أنه تم دفنه بطريقة خاصة إذ تنتقل العدوى من الميت كذلك عند الإقتراب أو لمس جثته،فلذلك يتم التعامل على حذر وحيطة وبطريقة معينة دون جنازة رسمية!
دعوةٌ جافة في لحظة استشاطة قد استجيبت.
يا لتعاسة من لا يجد أحبائه بالقرب من جثته أو قبره ليواسيه ويودعه في دقائقه الأخيرة فوق الأرض.

حزنٌ كبير وتعاسة بالغة قد هيمنت علينا وربما التهم الحزن قلب خالتي سعاد لإلقاء اللوم على نفسها بأنها سبب موته..

اجتاح الڤيروس العالم بسرعة انتشاره حتى الدول العظمى لم تنج من قبضته.
المئات يموتون يومياً والرعب يسيطر على البقية الأحياء الذي لا حول لهم ولا قوة.

وبين عشية وضحاها قد ضاق العالم على ساكنيه،وربما هم قد تغيبوا عن دفع إيجار سكنهم على ظهر هذا الكوكب الدري وكأن الأرض كانت كالمؤجر لنا لسكنها ونحن المستأجرين قد تغيبنا فعلاً عن دفع الإيجار لفترة طويلة،

فقرر صاحب السكن معاقبتنا بنفسه عن تهربنا من الدفع!
تم تصنيف هذا الڤيروس كوباء عالمي ولم يمر على ظهوره الكثير من الوقت وأصبح كالسيف يقطع رقاب كل من يصادفه،وربما نجا منهم البعض.

فُتّحت سموات مارس لتتلقى أرواح ضحاياها،وما زال الكثيرون يلهون ويضحكون،حتى إنهم يتغامزون قولاً بأن ال Covid-19 صنعٌ بشري.
أجل،ربما يكون صنعٌ بشري،لكن ألا تتقون؟!
احتموا ببيوتكم واتخذوا منهم ملاجئاً لعلكم تنجون.
مر علينا مارس كالضباب في يوم صاف،لا هو متوقع قدومه ولا هو فصلٌ يقتحمه دخيل مثله.

1 إبريل 2020

بدأت الأمور تهدأ قليلاً وآمنا نحن المصريون بأن قوة الشمس كافية لتقضي على كل ما في أجسادنا من مرض.

24 إبريل 2020:
حل رمضان وفرحنا بقدومه رغم الشرخ الكامن بداخلنا لحزننا على غلق المساجد ومنع الصلوات بها،

لم نعد نسمع المزيد من صلاة التراويح علناً،لن يجوب الأطفال الشوارع ممسكين بفوانيسهم فرحين ومهللين بقدوم شهر الخير.
عادات كثيرة قد حُرمنا منها بسبب شئ ضئيل لا يذهب ولا يجئ!

استمر تعداد الموتى في الزيادة تارةً وفي النقصان تارةً آخرى،وبدأت الأمور تأخذ مجرى مرعب،حقاً إنه أمرٌ مرعب ومخيف،خاصة لأولئك الذين يعيشون على قوت يومهم ولا يطعمهم أو يسقيهم سوى تجولهم اليومي بين البشر.
البشر ينقصون مئة تلو الآخرى،ألفاً ثم الضعف وما زال العلم عاجزاً عن المواجهة!

يبدو حقاً أنها نهاية العالم بعدما فقدتُ كل جيراني لإصابتهم كذلك.

اجتمع بنا أبي مساء يوم الخميس آخر أسبوع في شهر رمضان ممسكين جميعاً بأيدي بعضنا البعض

نبكي على نهايتنا فالدور قد حان والموت يقترب منا مثلما اقترب من أقرب الأقربون منا،

ثم انتقل كل منا للنوم وبعد أيام مسنا ما مس الجيران،مات أبي،بعده أخي من العدوي التي أصابته،

ثم أمي وأختي ومعهما أنا قد تم حجزنا بمستشفى للعزل للتأكد من إصابتنا أو عدمها.
ماتت أمي أمام ناظرينا ولم يتبق سواي وأختي.

أما عن أختي فاتضحت نتائج التحاليل بأنها سلبيةأي أنها غير حاملة للڤيروسوأنا كنت حاملةً له!
صراخ أختي في أذناي تخبرني وتتوسلني ألا أفارقها كما فارقها الآخرين،

فأهلنا وجيراننا وأصدقاؤنا قد سبقونا نحو الموت وأراهم ينادون عليّ.

بعد مرور يومين،فارقتُ أنا الحياة،وتم رمي جثتي كجثة حمار نافق،يتخلصون منه لئلا تفوح رائحته وتؤذي الموجودين.
لم يُصلي عليّ،ولم أعرف إن كان قد ذكرني أحدهم بالدعاء أم لا..
كنتُ أنا المتوفاة داخل أحشاء قبر موحش قد لحقت بمن سبقوني.

 

هبْت عاصفة رميلة شديدة تسببت بفتح نافذة الغرفة على مصراعيها،مما تسبب في إيقاظي.

استيقظتُ غير مدركة لما حولي،أين أنا؟ما الذي حل بالقبر الذي احتضنني!
بعدما أفقت وجدتُ أنني كنت أُحلم،كان كابوساً مريباً،فخرجت إلى الصالة وجدت أبي وأمي وإخواتي أجميعن يهللون فرحين!
ألم يكن جميعهم موتى؟

اقتربتُ من أبي وسألته ما الذي يدعو للفرح!أخبرني بأسنان تظهر من شدة الإبتسام بأنه قد اُخترع مصل للڤيروس وتم تطبيقه على العشرات من المصابين وتم الشفاء بحمد الله..

إلهى وإن كنا قد مللنا من العودة إليك،فما زلنا على يقين بأنك لن تملّ منا أبداً.♥️

لمتابعة المزيد من كتابات سارة إبراهيم / موقع أوراق عربية – قصة قصيرة 

 لمتابعة أوراق عربية علي فيسبوك

متابعينا علي فيسبوك
اضغط لتقييم المقال
نشكرك للتقييم ، رأيك يهمنا :)
الوسوم

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق