مواهب علي الطريق

فك قيدي _أيهم العباد /خاص لأوراق عربية

فـــكَ قــيـدِي !

                                                                                           

                                                                                            قصة قصيرة

                                              

 

          الإهداء

إليها فقط ، عساها تدرك

كم من الحضارة علمتها

   خـيـانـة الـرجــال …

 

” مذ افترقنا

ماعاد الأمر يعنيني

سيَان عندي إن غدرت أو وفيت

يكفيني ياسيد الحرائق

أنك خنت اللهفة

وأطفأت جمر الدقائق “

                                                                         أحلام مستغانمي

 

     أركع قبالة المرآة ، يطل شبح سيدة بهيئة عجوز ، أدقق النظر وأمعن ..

الصورة ذاتها تقبع فوق الزجاج ! هل جننت أم أخطأت الرؤية ؟ من هذه يا امرأة ؟! ياالله ! أنا التي فتنت عشرات الرجال !

 أتحسس جسدي المشلول ، ثيابي ، تفاصيلي الصغيرة منها والكبيرة ، أجدني تحولت إلى صنوبرة في بضعة أعوام …

ألتفت إلى رقاص الساعة ، تركض الأميال فوق ملامحي ركض المجنون ، ترسم الأخاديد والتجاعيد وتزرع مستعمرات الدود بلا هوادة ، ولا شئ يسكن عقلي سوى رجل توهمته عشاً يغمرني بدفئه وأمانه فسلمت له أمري ، وإذا به بلبل دوار يطوف على عواصم العالم دون أن يستقر على شجرة !

وهكذا فر ذات صباح تشريني ، مغيراً اتجاه بوصلته من الوطن إلى الغربة …

أين تكون الآن ؟ في أية مدينة تقطن كل هذه السنين ؟ وأي صدر هذا الذي يحتويك كل ليلة ؟ أسئلة تدور فوق طاولتك ، تفكر في مخرج مع طيفك القابع في وسادتي …

قـل لي بربك ، أي ذنب اقترفت يداي بحقك لتعلن علي كل هذه الحرب ؟!

كل مافعلته لا يتجاوز حدود غيرتي المشروعة عليك …أليس من واجبي أن احرص على عمود بيتي من الانكسار !

أعلنت لك الولاء المطلق وامتثـلت لأوامر الشرع في الطاعة والقوامة ..

تجاهلت فورة كبريائي ، احتملت شتائمك واهاناتك ببرود فاحش ،  بصمات أصابعك فوق خدي أزحتها بممحاة حبك .. أتراني قصرت ؟!

ليس من حقك أن تدون انتصاراتك على جسدي متى شئت وكيفما شئت ، تعلم بأنني أنثى مسكونة بالعطف ، لكن صبري مادة سريعة الاشتعال …

أتذكر ؟ لم تكلف نفسك عناء الاعتذار ذات مرة ؛ لأنك مطمئن على قلب سيصفح عنك ويضمك قبل طلوع الشمس ، ورغماً عنه ، ولذا دفعت ثمن نقائي وطهارتي معك ، وجنيت بيدراً من الأشواك وخمسة خناجر …

أتدري ، كم كنت استجدي منابع عواطفي لأستعيد بك بهجتي المهزومة كلما مرقت بأحلامي ، ظناً مني أن أبطال الأحلام لا يخطئون مواقيتهم .. لكنك  فضلت رجم السعادة بحجر القطيعة ، ورحت تتفنن في ابتكار الأكاذيب لتبرر رحيلك المفاجئ …

ياسيدي ، ثلوجك علمتني أن أكون شجرة دائمة الخضرة ، أعطي أكلي كل حين ، وأجاهد لأصمد بوجه عواصف الأيام …

من قال أن الرجال وحدهم أقدر على الحياة ! أنا التي لم تكسرني يد النازعات ، حافظت على كياني ، بيـتي ،  وأولادي صنتهم من الضياع ، وبطبيعتي كأنثى ، لا أنكر أن جذعي لم يهتز أمام قـدري معـك …

يوم أحببتك وقعت على اكـتشاف مبهـر :

” كنـت رجلاً يختصر في عينيه جميع الرجال “

ويوم غادرتني عثرت على أجمل زيف :

” كنت أنا امرأة تسبح في حوض الخديعة دون وعي “

إذن ، دعني اعترف لك اليوم بأنك خسرتني ، وأضعت ملكاً ستبكي عليه كالنـسـاء …

ازدانت الحقول بفستان الحياة ، وها هي الشحارير تستعيد هيبتها بعد قسوة الصقيع .. أما أنت ، فلم تحضر مع الربيع العائد ، كما توقعت …

فلا أجمل منك اليوم وأنت تتسرب من  بين أضلاعي كالثلج تحت قرص الشمـس …

التفت إلى المرآة ثانية ، لا أجد صورتي ، تسقط دمعتان طويلتان ، ويعدو رقــاص الساعـة …

أستيقـظ على رنة هاتفي المحمول ، يسكن بؤبؤي جوف الشاشـة …

” حبيبتي الأغلى ، الأحلى ، الأجمل ، أشتاااااااااااااااقك شوق الغريق إلى الهواء ، أهواك حتى آخر العمر ، سأكون معكم في اقرب فرصة ، انتظروني … حبي لكم بلا حد “

تتقاطـع أناملـي فـوق الأزرار …

” كسـرت قلبي فما عاد يصلح لنبض كان نبضك ، فــك قـيـدي “

أبتر ارتعاش أرجلي ، أركل مخاوفي وراء الباب ، أشرع جميع نوافذ البيت ، وأشـهـق …   

أيهم محمود العباد

 

 الشعر خاص لاحلام مستغانمي والقصه بقلم _ايهم العباد /خاص لاوراق عربيه

 

متابعينا علي فيسبوك
اضغط لتقييم المقال
نشكرك للتقييم ، رأيك يهمنا :)
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق