سارة إبراهيم لموقع أوراق عربية …..القسوة سيئ الأسقام

تلك الفتاةُ التي أرغمت على خطبتها من ابن عمها على تلك الحُجة الباطلة بأنه أولى بدمه ولحمه،
لا زالت تعاني إثر الجبر،الجبر حينما تستمع لكلماته،
الجبر حينما يسألها أحد الأقارب عن حاله ويحّتم عليها حينها تصّنُع الإبتسامة والجواب بأنه بخير حتى تتجنب ركلة من قدم والدتها الممسكة بيدها في الطرقات لتلتفت عما تجيبه ابنتها من أسئلة عن الرجل الذي تعلم حق العلم أن ابنتها لا تريده
،ولكنها كأي أم وقعت تحت سُلطة الفتاة العشرينة لا يجب أن تتم ثلاثينها إلا وبحوزتها أطفال وإلا قيل بأنها العانس!
صديقتي التي أيقظتها من نومها في الثالثة فجراً لأسكب علي صداقتنا دموعي الكثيرة،
وهونّت عليّ قدر ما استطاعت ولم توبخني أو تلومني لإزعاجها في تلك الساعة.
حينما طلبت من أبي نقوداً لأتبضع بها من أجل الملابس التي أعجبتني وبشدة،
ولأني لست أقل من صديقاتي شبراً، فأعطاني إياها قائلاً لا أملك غيرها لكن لا أغلى منك على قلبي..
رددت إليه النقود حينها،لكني لا أقدر على نسيان تلك الكلمات العظيمة التي أذابت قلبي.
تلك الفتاةُ التي لا تكف الأقاويل عن ذكر اسمها في المجئ والعودة والتي حذرني منها ومنعني والديّ من صحبتها أو حتى إلقاء السلام عليها،
هي الوحيدة التي دافعت عني حينما تكاثر عليّ بعض المتشردين في الشارع لسرقة حقيبتي بينما من يدّعون من الشباب في بلدتنا أنهم أعظمنا،لم يحركوا ساكناً!
من يومها وقد ألقيت كل ما سمعتُ عنها،
وعودت روحي على أن أقيم الناس بأفعالهم لا بما نسمع عنهم من الغير.
ثم جدي..جدي الذي في حين اشتداد المرض عليه لم ينفك من تقبيلي وضمي إلى صدره حين لم يستطع حتى حمل كوب الماء لشربه لأنه يعلم أني أحبه وربما علم بحاجتي لحنانه،
تلك الأحضان والقبلات الدافئة لا زالت ترافقني كل لحظة حتى بعد رحيله!
اللحظات والمواقف السيئة بينّة، والأحداثُُ وحديثها اللين بيّن،ولا حاجة للمقارنة بينهما..
الجميل هو ما يبقى في نفوسنا ليزهرها كلما ذبُلت،
أما السيئ القاسِ فهو كذلك يبقى ويترسخ في قلوبنا وعقولنا،
لكنه مع كل استعادة لذكراه نتألم وحيدين دون الشكوى،ويبقى معنا هذا الألم دوماً..
فلتكن إنساناً ذو أثرٍ جيد،بدلاً من ذرف الدموع من قِبل أشخاص كلما تذكروك وكلامك الجاف زاد كرههم لليوم الذي تقابلتما فيه..
لمتابعة المزيد من كتابات سارة إبراهيم / موقع أوراق عربية – مقالات اجتماعية
لمتابعة مقالات اجتماعية – موقع أوراق عربية علي فيسبوك