إيمان شاميه تكتب لأوراق عربية ” لحظة احتياج – مسيرة الصمت الأنثوية “

إيمان شاميه – أوراق عربية ” لحظة احتياج – مسيرة الصمت الأنثوية “
تعصف بحياة كل منا لحظات قد تغير مسار حياته للأبد .
لحظات فرحه .. لحظات حزينة ..لحظات صدمة أو اكتشاف حقيقة كانت غائبة ولكن تظل لحظة الاحتياج هي اللحظة الأقسى والأكثر ألما والتي يسهل فيها اتخاذ القرارات الخاطئة .
تعاهدت مع الصديقات أن يكون مقال السبت من كل أسبوع عن ” هن ” عن المسكوت عنه في حياة المرأة العربية ووفاء بالعهد دعونا اليوم نتجول في لحظات الاحتياج الأنثوية .
الطفلة في بداية خطوات إدراكها الأولي للحياة تكون في أشد الاحتياج كما الطفل أيضا للتدعيم والحب والتدليل .
فذكريات الطفولة الأولي تظل محفورة في الذهن مدي الحياة فحديث الأب عن رغبته في إنجاب طفل يحمل اسمه كلمات لن تنساه ابنته كما ستتذكر ابنة رجل أخر كلمته عن
” أن البنات رزق من الله “
وستظل تترك انطباعا داخل روحها مهما مرت السنين .
تمر السنين الأولي بسيطة وحين تنتقل الطفلة إلي المدرسة إلي العالم الجديد تكون الحاجة إلي صديقة
إلي ونيسه روح شديدة فبدونها تشعر الفتاه بالعزلة والوحدة وإنها غير محبوبة وغير مرغوبة
بل وتهز الثقة في نفسها أحيانا
تمر السنين سريعا وفي بداية المراهقة تبرز الحاجة الجديدة فهي ترغب أن تحيا كما الجميع قصه رومانسية
فارس أحلام وهمي كان أو حقيقي سيشبع رغبتها في أن تشعر بأنوثتها الوليدة ونظرة الشفقة إلي نفسها
حين تجد أحداهن تحكي سواء صدقا أو كذبا تظنه صدق عما تمر به تأملها لوجهها الغض في المرأة
وهي تسأل لماذا ليست مثلهن ؟؟
وهنا تزداد الحاجة إلي الرفيقة وقد تكون الأم عنصرا هاما في هذه الفترة ومشبعا لحاجة ابنتها إلي الصديقة الصالحة
ولكن في الغالب لا تكون …
فمازالت الأم في مجتمعنا تخشي صداقة ابنتها في هذه المرحلة خشية أسئلة قد لا تجد لها الإجابة
رغم أنها تعرفها فلجام المجتمع يقتضي عليها الصمت فأمها هي من 30 عاما لم تخبرها بأي شيء
لأن الجدة لم تخبرها وهي في مثل هذا العمر ولم تكن صديقتها وبالتالي فهي لن تصادق ابنتها كما فعلت الجدة والأم
ومن المراهقة إلي الشباب إلي انتهاء المرحلة التعليمية أيا كان نوعها يبدأ المجتمع في فرض احتياجاته
وتبدأ هي رحلة احتياج جديدة فالأنثى ( أكثر من استعمال كلمه أنثي في كتاباتي كمرادف لكلمة
امرأة أو فتاه وان كانت أعم وأشمل ولازلت أصر علي أن كلمة الأنوثة مقابلة لكلمة الرجولة
وليست الذكورة فالأنوثة أعم واشمل من أن تختزل في تحديد الجنس ) فالأنثى تحتاج في فترت الشباب
إلي الاستقرار إلي رفيق العمر الذي سيكمل حياتها _أو كهذا تطن _.
وإن لم ترتبط الفتاة سريعا تبدأ ضغوط المجتمع في التزايد
فالأسرة تمارس دورها المعتاد في ترغيبها في أي خاطب تري انه سيكون ” ستر ” والمجتمع يمارس ضغوطه الغير مبرره لمجرد انه يري أن التدخل
في حياة النساء أمر عاديا لا يستدعي وجود سبب فالبائع علي ناصية الشارع يسأل ” ما الجديد ؟؟
وابنه خال زوجة عمها تتصل خصيصا لتطمئن ” أهناك جديد ؟؟” .
يمارس المجتمع ضغوطه علي نفس وروح وعقل الفتاه المحتاجه نفسيا إلي وجود حبيب وزوج وشريك
مما يضطرها أحيانا أن تهرب من الرماد إلي النار وتقبل مرغمة بمن لا تريد .
لتبدأ رحلة ونوع جديد من الافتقاد وبالتالي من الاحتياج فمن يملك لن يحتاج فالمقبلة علي الزواج
تري المستقبل ورديا جدا وتري أن شريك المستقبل سيمطرها بكلام الحب وسيبهرها بالمفاجآت
والهدايا وان كانت قنوعة وعقلانية فهي علي الأقل ترغب في حسن معاملة وتقدير واهتمام من القلب
لتصدم حين تفتح عيونها علي واقع أسوء من الماضي فزوج المستقبل لا يهتم – لا يسال – لا يبالي – مختلف الطباع والأفكار وتدخل في صراع مع عقلها هل ترفض وتعود خطوة واحدة للوراء وتنتظر كما المنتظرات للدرب الصحيح أم تكمل ؟ .
لحظة فاصلة أخري يشتد فيها الاحتياج إلي النصيحة فالأم – الأب – الأخ – الصديقة – الجميع يلعب دوره وبإتقان وصاحبة المشكلة ومالكة الحلول غالبا ما يكون دورها محدودا جدا .
فالأسرة والمجتمع يجزم لها بأن المستقبل أفضل .
_ غير مهذب …… :- ربنا سيهديه
_عصبي …… :- ربنا سيهديه
_دكتاتوري ومتعصب ولا يسمعني …… :- ربنا سيهديه
_لا يحترمني …… :- ربنا سيهديه
_لا يصلي …… :- ربنا سيهديه
_يقيم علاقات …. …… :- ربنا سيهديه
وكأن الله عز وجل الذي سيهديه لن يرزقها بزوج صالح إذا ما تركته .
فتكمل الصامتة الرحلة إلي المرحة الأقسى … الزواج
احتياجات الزوجة في مجتمعنا مختلفة كليا عن ما سبق فهي قد انتقلت بإرادتها الحرة أو المرغمة
إلي بيت رجل يفترض انه قد تم تلقيتها انه مسؤول عن تلبية كافه احتياجاتها ماديا عليه أن
ينفق عليها وعلي أبنائها ,إنسانيا عليه أن يهتم وان يراعي وان يحنو ويعامل بالحسني , عاطفيا عليه أن يجب ويجامل ويبتسم ويشتاق
لتظل احتياجات الزوجة هي الأكثر الأقسى والمسكوت عنها فالمجتمع الذي دعا له بالهدايه يدعوها للصبر وتربية الأبناء .
ومن صمت إلي صمت ومن حاجه إلي حاجه ومن احتياج لا ندري خطورته إذا ما لم نتعامل معه إلي احتياج يفتح الباب لمصائب أو أمراض نفسية.
فابنتك التي لم تحسني توجيهها إلي الصديقة المناسبة قد تتخذ من صديقات السوء رفقة وتتطبع بطبائعهن
وفتاتك التي صارت تكبر ولم تجد من يوجهها إلي أن الحياة ليست قصة رومانسية وليست رجل وان الحب سيأتي في المستقبل وان ما يحدث في مرحة المراهقة غالبا ليس حبا ولن يستمر لباقي العمر ستتورط مع من يشبعها بكلمات معسولة قد تكون مسمومة في مجتمع سهل فيه التواصل واخترقت الهواتف والانترنت وغيرها جميع بيوتنا.
وحين تصير ابنتك شابة وعلي وشك ابتداء حياتها إن لم تكوني أنتي كأم وتكون أنت كأب سندا عونا لها
في مواجهه ضغوط مجتمع متخلف فمن يكون لها السند ؟؟
والأنثى في الخطبة أو الزواج إن لم يلبي شريكها حاجتها الانسانيه للتواصل للحوار للمشاركة للحب والود
والاهتمام أين تلبيها ؟؟ في مجتمع يري أن من حق الزوج أن يتزوج بآخري وان يخرج بصحبة أصدقاءه في أي وقت
ويسهر ويسافر وان يطلق هذه ويخطب هذه ويتعرف علي هذه وحين تصرخ فتاه أنها تريد فسخ خطبتها أو الطلاق
يكون السؤال الأول ليس لماذا ؟؟ ولكن ماذا نقول للناس؟؟ وتنصب لها المشانق لأنه يجب أن يكون هناك ما سنقوله للناس ورد علي ما ستقوله الناس عنها .
إن السقوط في الخطأ في مجتمع مغلق يتساوي مع فرصة السقوط في الخطأ في مجتمع مفتوح فمن يرغب في أن
يخونك سيخونك حتي في خياله ومن قويت عزيمته لكي يصون فلن يخون مهما أتيحت له الفرص فلماذا نضع زهورنا بين المطرقة والسندان ؟؟
كلكم راعي وكلكم مسؤول عن رعيته
ذلك الحديث الشريف قبل أن تكمن أهميته في انه تنبيه لما سوف يحاسبنا الله عليه يوم القيامة فانه توجيه بليغ
لما يجب أن نحاسب عليه أنفسنا في الدنيا .
فالأب والأم إن لم يساندوا أطفال أتو بهم إلي الحياة فمن يكون لهم السند ؟
فالأب والأم والأخ والصديق والزوج راعي كما هي راعية لأطفالها وأخوتها ولأصدقائها.
فمن يحميها في طفولتها حين تحتاج إلي صديق ؟؟ لماذا لا أكون أنا الأب ذلك الصديق الذي يهتم ويراعي ويسأل ويناقش ويجيب ؟؟
لما لا أكون أنا كأم تلك الصديقة التي لا تفشي سرا ولا تعاقب علي خطأ دونما نقاش و توجيه ؟؟
لماذا لا أكون أنا كزوج الحبيب والأخ والسند ومصدر لإشباع كل حاجات واحتياجات أسرتي وزوجتي
التي تحتاج إلي كلمة ودودة أكثر ما تحتاج إلي إلقاء مصروف اليوم إليها , زوجتي التي تحتاج إلي خوف
واهتمام صادق مثل ما تحتاج إلي أن أجلب لها الدواء وقتما تتألم .
لماذا نتخلى عنهم ونتركهم فريسة للصمت الذي أجبرهم المجتمع وعاداته الخاطئة عليه ؟؟
فنحن في مجتمع علم المرأة أن البوح عيب خطير وأن عليها أن تصمت وربما خيبات الأمل المتتالية من الحديث
إلي من لا يعطي اهتماما علمت النساء الصمت عند الاحتياج .
إن الرجوع خطوة واحدة للوراء والاعتراف بان في حياتنا خلل قد يجنبنا المزيد من الكوارث والمشاكل التي يحملها الغد لنا .
وأنتي أيتها الصامتة دوما أنتي راعية نفسك
لن تتيح الحياة لكل منا أب وأم فالبعض يتامى وأسرهم علي قيد الحياة والبعض يتامى بموت الوالدين .
قد لا نلومك علي الخطأ في اختيار صديقات الطفولة ولكني لا أحد سيعذرك أو يساندك حين تقفين مكتوفة الأيدي مستسلمة لعبث المجتمع بمستقبلك ولعبث الرغبات والأهواء بشخصك فان لم تكن الصديقة صدوقة فاغلقى علي الحاجة إلي الحديث والرفقة باب فنفسك أولي بصداقتك .
وان لم يأت الرجل المناسب في الوقت المناسب فاغلقى علي الاحتياج للحب والاستقرار باب
وافتحي لمستقبلك بالعمل والعلم والهواية والإصرار ألف باب ودعي المجتمع يهذي بكلام لن يضرك لو لم تلتفتي إليه .
فان لم يكن المتقدم للزواج بك صورة مقربة لرجل أحلامك فاصمدي أمام ذاتك وأمام أسرتك وأمام المجتمع
فخطوة واحدة في الطريق الخطأ واستسلام سريع لمرة واحدة سيكلفك الكثير من الندم .
أيتها الصامتة إن لم يكن الزوج هو الأب الصالح لأبنائك فبعد المحاولة والدعاء والصبر والتكرار اتخذي القرار فالبقاء وحدك
وبداية حياتك من جديد قد لا يكون قاتلا بينما الاستمرار في زيجة أنتي فيها وحدك لا أمل فيه .
إن لم تجدي أنتي الراعي كوني أنتي الراعي وان لم تجدي أنتي الصديقة كوني أنتي الصديقة وان لم تجدي شريك حياة اجعلي عملك وعبادتك وأسرتك وهواياتك شريكا لحياتك
ففي كل يوم قد تتاح لك ألف فرصة صحيحة أو خاطئة لتحقيق ما تريدين فحددي من وكيف تشبعين احتياجاتك
من طفولتك حتي الهرم ولكن في العمر فرص نادرة لتجدي نفسك فكوني أنتي من يتحكم ويقرر ويحدد
ويشبع وينتصر ويتكلم ويطلب ويصمم أن ينال حقوقه قبل وبعد و مع كل لحظة احتياج .

لمتابعة المزيد من كتابات إيمان شاميه بـ موقع أوراق عربية
لمتابعة إيمان شاميه – أوراق عربية علي الفيسبوك
رائع يأستاذة
رائع استاذتنا