مواهب علي الطريق
المطـــــــــــــــــــرود_بقلم اسلام سمير/خاص لأوراق عربية
المطرود
كم أعطوك يا باب البيت كى تصمت عما تداريه ؟؟..بأى ثمن قبلت أن يلصق بجنبك هذا المخيط العنيد؟؟..والعصابة التى فوق عينيك هل لها أيضا أجر؟؟
ضعيف أنا فلا استطيع منازعتك..وأنت فرح بهذا..فإذا كنت أنا قويا فهشمتك فأخرجنى سيدك مرة أخرى..وبدلك بباب يفوقك عشرات المرات فى القوة
ماذا؟؟ تبكى ؟؟ أتشعربى؟؟ ..تذكر أيها الباب يوم أن نزعت القذر من جسدك..وعالجتك من مرضك…أعاهدك بحق هذه الذكريات الطيبة أنى لوعدت إليك
سأعيد ماكان بيننا..فهمتنى ؟؟
أما قال لك أحد إنك غبى أيها المقبض؟؟! تتحرك إذا حركوك..وتقف حيث يوقفوك…حتى ولو كانوا يعذبوك…أين قلبك؟؟ أين روحك؟؟ أين عقلك؟؟
أخخخ أعذرنى نسيت أنك جماد..أتعرف أنك قد ذكرتنى بصديق ؟؟! صديق له أصدقاء…يذهب معهم حيث يذهبون..ويعود حيث يعودون..بلا تفكير..بلا
تفكير..إذا قالوا له أنت حمار..قال صدقتم..أنا حمار..واذا مدحه أحدهم….فرح وطار فى سماء الوهم
وكانوا له كالرياح.لم يفكر يوما فى أن يسير عكس الرياح…لم يغامر…مثلك تماما أيها المقبض..جماد..جماد..جماااد
سلام عليك أيتها الشجرة الصدوقة…صلى من أجلى…وعدينى أن تظلى وارفة..نعم أنه قد طار عصفور من عصافيرك…لكنه حتما سيعود..أنت قد علمتيه
الرقة والحنان أيتها الشجرة..وأنبتى فى أعماق قلبه شجيرات من الحنين..فلن يذهب إلى شجرة أخرى..لا تخافى ولا تحزنى ولا تجزعى.
وسلام عليكم ياأصدقائى العصافير…لا تنسوا كل صباح عندما تمرحون فى غرفتى..أن تواسوا كرسىَّ ومنضدتى..وتضحكون مفارشى…وتهدأون من
روع سريرى..لايقفن أحدكم فوق صورى على الحائط..أقسم بالذى خلقنا جميعا…أنى ماقابلت أوفى وأخلص وأطهروأرق منكم…أحبكم كثيرا
هذا فراق بينى وبينكم.
وهاهو الطريق..وهاهى عيناى تتعمق فى المجهول..كم أخشى المجهول؟؟ كم أخشى أن أذهب؟؟ولكن ليس هناك مجالا للعودة..كأننى أصبحت غريبا عن
هذا الوطن الذى جرى حبه فى دمائى ماحييت..لماذا عشقتك أيها الوطن؟؟ حتى تقول لى أنك ما رغبتنى ؟؟ ما أقسااااك؟؟
كأن قلبك كان فتيلا لأصبع من البارود..حتى اذا أمسكت به وتمسكت وجذبته إلى..تفجر فى وجهى ومزق جسدى وهو لايزال فى يدى..أموت ولاتموت..أحبك حتى يتجلى نفسا أخيرا عن صدرى.
ليس علىّ الا الذهاب….كم أخشى المجهول ؟؟ ها هى دمعة من أدمعى خرجت تتوسل إليه ألا يواجهنى..ولكنى أبعدتها وسأواجهه..وهل أمامى إلا المواجهة
؟؟ كم أخشى أن أذهب وأواجه بين أيادى المجهول الموت..فيضمنى إلى صدره دون أن يرانى أحد..أوحتى يعرفنى.
ما أصعب الذهاب؟؟ وماأقسى المجهول؟؟
الله أكبر…الله أكبر..الآذان يفصل بينى وبين الطريق فصل مؤقت..حكيم وناصح أمين..أستجيب لك..خذنى إلى حيث تشاء..الله..ماهذه الطيبة التى أراها
فى أعين هؤلاء الداخلين إليك؟؟ ماذا؟؟ تستجيب لى؟؟ أدخل؟؟ سأدخل…الله..ماؤك عذب..رطب..دوااااء..لكم استرحت الآن..أعرف أن باب بيتك سيغلق
بعد دقائق..لكنى واثق من أن باب عدلك لن يغلق..ومصباح رحمتك لن ينطفئ..هل تكفى هذه الدموع فى السجود؟؟ حضنك كفانى السؤال.
سأذهب..وسأواجه المجهول
( يصطدم بحجر فى الطريق)…صدق من سماك حجر..تقف فى أى مكان يحلولك فى الطريق بلا شعور ولا قلب..تجرح دون أن تدرى..لك العذر
فما بالك بالذى قلبه مثلك..هو إنسان من المفترض أنه يدرى ويشعر..لكنه فى الحقيقة لايدرى ولا يشعر..أتعرف أنه أقسى منك…أنا أظن أنك لو كنت
ذا عقل لكنت حركت نفسك بعيدا عن قدمى رأفة بى…لكن الذى ذا عقل أطاح بقدماى بلا أى رأفة…معذرة أيها الحجر..دعنى أحملك إلى جانب الطريق
نيابة عن عقلك.
لوحات وإعلانات وواجهات وزجاج وأقمشة واموال..وبشر…….الحياة تتحرك بالمال..أعطنى وخذ..وكثيرا أعطنى..يا لطمع الإنسان..حيل من أجل
التكسب..يزورنى قول الله ( وعزتى وجلالى لأرزقن من ليس له حيلة..حتى يتعجب أصحاب الحيل )
الله..أين الإيمان ؟؟ لو كان هناك من يشعر..لتسرب إحساسى إليه..ولنادى علىّ وصنع لى إعلانا..ولكنت وجدت المأوى..ولكن لابد أن أكف عن هذا
ولأدع الخلق لخالقهم..ولا أجتهد فى تحميل الناس فوق طاقتهم…فمولاهم لم يفعل بهم ذلك.
رغم كل هذا..يغمرنى شعور بالخطأ والإثم..فهاهى أتربة تلسع جسدى..وتحرق عيناى..وحتى ملابسى قد ابتلعتها الأتربة..أستغفرالله العظيم..تتوالى
ذنوبى أمام عينى أراها ومع كل جملة منها أطلق زفرة مملوءة بالطمع فى المغفرة.
خوف..وخوف فوق خوف..أين أذهب إذن..ألم نتفق يا قلبى على مواجهة المجهول؟؟ لماذا تتراجع؟؟ إعطنى يدك…ليس أمامنا إلا الطريق..هيا يا قلبى
قل لى يا قلبى..ماحجمك؟؟…لاتضحك منى..أنا لاأمزح معك..أنا فقط تملكنى الدهشة..كيف أنك بهذا الحجم الضئيل..وتحمل ماتحمل من هموم وأوجاع
أنت تحمل كل شئ..فيك ما فيك وتستطيع الضحك..وتبكى لتخفف عنى..ثم تضحك لنبنى معا جدارا حول الأحزان..وننظرإليها من فوق الجدار..ونسخر
منها…….تذكرنى أنه برغم قساوة من قسى..أن هناك من كان حنونا..والله إنى لا أنساه..أنا أعرف الآن من الذى يبكى من أجلى..من يقتله فراقى..من
غلب على أمره عندما وجد نفسه لايستطيع أخذ قرار بقائى..فليعرف أن روحه رفيقة روحى..وقلبه يحملك يا قلبى..فليطمئن..فكلانا أرغم على فراق
الآخر………. أسير بين الناس..برغم اعتراضى..ورغم نفورى..إلا أننى أشعر فى وحدتى بالخوف..حقا هم لايملكون لى الأمان..ولكن الأمان يعيش
بينهم..أراه كلما سارت قدماى بين أقدامهم..نعم إن الطريق طويل..لأننى كلما أبصرت طريقا لا أرى فيه إلا طرق تتفتح..وطرق تظهر داخل طرق
فلا أعرف أيهما أسلك.
سأستريح قليلا..سأجلس فى قارعة الطريق..أنهج نهج المتسولين..ورفاق الشوارع..ولو اضطرنى الأمر إلى الشحذ فسأشحذ..إنها الحياة..وإنه القدر
وإنه النصيب.
وفوق سطح يبدو لى أخضر..تجالسنى الذكريات..وأتزوج الحسرة..فتنجب لى أسئلة لا حصر لها……
ألاأنهم لا يملكون ماأملك؟؟؟ لماذا لم يأخذوه عنى؟؟ لما لم يبحثوا عنه فىّ؟؟ أيتها الأرض..كيف أتى من ترابك هذا الرجل؟؟رجل يلقى بولده إلى مهالك
الطرقات وغياهب الظلمات..يتخبط بين هذا وذاك..ويتوه بين هؤلاء…أيها الهواء؟؟ كيف استطعت أن تدخل فى صدره سلاما؟؟ وتخرج من صدرى
أنا ألاما..وتملأنى بغبار لا استطيع النجاة منه.
والآن وأنا أجلس فوق هذه التبة العالية..أرى الناس تدلف مع دلوف الليل إلى بيوتها..وظللت أنا والنجيل..قد جف النجيل…هل هو أيضا حزن علىّ ؟
لكنى أشتم الآن ريحا طيبا…إنها روح الله تحفظنى وترعانى وتقينى..الله رحيم ياأبى فلا تقتلنى قسوتك….بل أنى أقدم لك جزيلا من الشكر..لأنك ألقيتنى
فى كنف الله….فليرحمك الله ياأبى كما رحمنى.
اسلام سمير
متابعينا علي فيسبوك
اضغط لتقييم المقال
نشكرك للتقييم ، رأيك يهمنا :)