منتدي أوراق عربية
المتاعب الاقتصادية للثورة المصرية الجزء الثاني /دكتور عادل عامر

متاعب مصر الاقتصادية ثلاثة أنواع،
الأول متاعب حقيقية وجسيمة لكنها قديمة كانت موجودة قبل الثورة، ومستمرة منذ أوائل السبعينيات أرجعها إلي سياسات اقتصادية حمقاء استمرت بلا انقطاع حتى قيام الثورة.
والنوع الثاني، وفقا لأمين، هي متاعب اقتصادية نتجت عن الثورة، فمن الطبيعي أن تحدث بعض المتاعب الاقتصادية.
أما النوع الثالث فهو لاقديم ولا بسبب الثورة، إنما حدث بعد الثورة بسبب أن الممسكين بالسلطة اتخذوا إجراءات لم يكن لهم أن يتخذونها أو لم يتخذوا قرارات كان يجب أن تتخذ.
لا نكشف سرّا عندما نقول إن الولايات المتّحدة لم تكن أبدا مع الثورة المصرية ولم تثمّن نجاحها، ولو طال أمدها ولم تنتصر بصورة مفاجئة في أقلّ من ثلاثة أسابيع لتآمرت عليها، ومعها بعض الدول الخليجية والمملكة العربية السعودية بالذات التي طالب عاهلها الرئيس أوباما بالتدخّل لقمع الثورة وإفشالها وإبقاء الرئيس مبارك في الحكم، وهو عكس ما يطالب به الآن في سورية• فحديث أمريكا العلني عن دعم الحرّيات وحقوق الإنسان والتغيير الديمقراطي يتناقض تماما مع ممارساتها العملية في مصر لتدجين ثورتها وفرض شروط مهينة عليها والتلويح في الوقــــت نفسه بوقف المساعدات العسكرية عنها ودعم الثورة المضادّة وفلول النّظام فيها، من خلال تمويل بعض الجماعات والجمعيات بهدف التخريب تحت عناوين مضلّلة• نعم هناك مؤامرة حقيقية على الثورة المصرية وإلاّ ما معنى أنه لم يدخل الخزينة المصرية مثلما أعلن السيّد الجنزوري رئيس الوزراء غير مليار دولار فقط منذ اندلاع الثورة رغم الوعود الخليجية التي سمعناها عن رصد ثمانية ملايير دولار لإنقاذ الاقتصاد المصري؟
مصر لا تريد صدقات، مصر الثورة لن تتوسّل المساعدات من العرب أو الأمريكان لأن هذه الثورة انطلقت من أجل استعادة مصر لكرامتها ودورها ومكانتها وسيادتها والاعتماد على نفسها ورفعها من قائمة الدول المتسوّلة إلى قائمة الدول الكريمة والعزيزة النّفس التي تريد أن تعتمد على نفسها وسواعد أبنائها• الكونغرس الأمريكي يهدّد بوقف المساعدات العسكرية عن مصر فليفعل ذلك، ولا نعتقد أن مصريا واحدا والفقراء الجوعى على وجه الخصوص سيذرفون دمعة واحدة على تنفيذ هذا التهديد، بل سيحتفلون طربا في ميدان التحرير حتى الصباح للتخلّص من هذا الذلّ المستمرّ منذ أربعين عاما•• هذا الذلّ الذي كان عبئا ثقيلا على كرامتهم ووطنيتهم واستقلال قرارهم• مصر تستطيع أن تعيش دون المليار ونصف مليار دولار الأمريكي هذه مثلما عاشت لأكثر من سبعة آلاف سنة قبله، سبعة آلاف سنة حتى قبل أن تظهر أمريكا على خارطة الوجود ومعها أوروبا وعشرات الدول الأعضاء في الأمم المتّحدة، بل والعديد من الدول العربية الغنية منها والفقيرة على حد سواء• نكتب بمرارة ونحن نرى مئات المليارات العربية تذهب إلى دول تدعّم أعداءنا وتتآمر على ثوراتنا وتنفق في أعمال غير إنسانية وغير أخلاقية، بينما أربعون مليون مصري يعيشون تحت خطّ الفقر (دولاران في اليوم)، وملايين الشباب المصري والعربي عاطلون عن العمل• إذا كانت الدول العربية غيورة على الثورات العربية فعلا وحريصة على نجاحها واستعادة الشعوب لكرامتها وحريتها، فلماذا لا تشكّل هذه الدول نادي أو تجمّع (أصدقاء مصر) و(أصدقاء تونس) و(أصدقاء اليمن) و(أصدقاء البحرين) جنبا إلى جنب مع (أصدقاء سورية)، وقبلها (أصدقاء ليبيا) وترصد عشرات الملايير لمكافأة شعوب هذه الدول على ثوراتها وتضحياتها المشرّفة؟المتاعب الاقتصادية القديمة والمستمرة منذ أوائل السبعينيات بانخفاض نمو معدل الناتج القومي باستثناء الفترة من 75 إلي 85 فترة الهجرة إلي الخليج وبعض سنوات حكومة نظيف، وإن كان بعد الأزمة العالمية في 2008 معدل النمو الذي حققه نظيف انخفض، كذلك من المتاعب الاقتصادية القديمة تفاوت كبير في مستويات الدخول وتزداد الفجوة من أوائل السبعينيات وحتى الآن، أيضا ازدياد معدل البطالة والعجز المستديم في الميزان التجاري وتراكم الدين الداخلي. أن سبب هذا هو الانفتاح الاقتصادي غير المنضبط أو الانفتاح “سداح مداح”، يضاف إليه سحب يد الدولة بطريقة مدهشة وترك القطاع الخاص يفعل مايشاء دون مراقبة أو توجيه.
إن مشاكل مصر ترجع إلي أوائل التسعينيات تحديدا عامي 91 و92 حين قام صندوق النقد بجدولة ديون مصر ومقابل 21 مليار دولار من قروض مصر ضغط عليها لتنفيذ سياسات التعديل الهيكلي، وكل اقتصادي يعلم علما تاما أنها سيئة السمعة وأن الفقير هو من يدفع ثمن ذلك. أي ثورة، وهنا أساسها الانفلات الأمني وهذا سبب مشاكل كبيرة في السياحة وأضعف الحافز لجذب الاستثمار وارتفعت معدلات البطالة، وزيادة عجز الموازنة، وتحويلات العاملين بالخارج، وانخفاض احتياطي النقد الأجنبي. إن السلطة القادرة علي اتخاذ القرار، بعد مرور أكثر من عام علي التنحي، لم تدرس الأمن، وتركته متدهورا، وربما أسوا مما كان عليه في الأسابيع الأولى في الثورة، وبذلك يستمر تدهور السياحة، والاستثمارات المحلية والأجنبية، وتزايد عجز الميزانية وعدم استطاعتنا استرجاع الأموال المهربة. أن السلطة والقوي السياسية تتقاتل علي من سيقود القطار في الوقت الذي تحتاج فيه مصر إلى وقف نزيف العملة الصعبة، وإعادة الاستثمار الأجنبي، والطاقات الضائعة التي تهاجر خارج الدولة. أن أول إصلاح هيكلي للاقتصاد المصري هو الاستفادة من 9 ملايين شاب وتوظيفهم للحصول علي قوة إنتاجية وبشرية هائلة، وأنه لابد ألا نعتمد علي السياحة التي تمثل 20% من الدخل القومي وقناة السويس ونبعد عما يسمي الاقتصاد الريعي والاتجاه إلي الاقتصاد الزراعي والصناعي. أمر مؤسف أن دول الخليج العربي التي يدخل إلى خزائنها أكثر من 600 مليار دولار سنويا كعوائد نفطية لا تخصّص صندوقا لإنقاذ اقتصاد مصر التي وقفت معهم في جميع قضاياهم، ولولاها لما تحرّرت الكويت من الاحتلال العراقي، فالدور المصري إلى جانب الدور السوري كان حاسما في هذا الإطار رغم اعتراضنا على ذلك في حينه لحِرصنا على العراق ووحدته الوطنية والترابية وحقّنا لدماء أبنائه وأبناء الأمة بأسرها• المملكة العربية السعودية تتحمّل المسؤولية الأكبر على صعيد دعم مصر الثورة لأن انهيارها أو تحوّلها إلى ثورة جياع سينعكس سلبا عليها وعلى المنطقة بأسرها، وربما يفيد التذكير بأنها، أيّ السعودية، كانت المستفيد الأكبر من حصار العراق، حيث جنت مئات الملايير عندما عوّضت غياب النّفط العراقي في الأسواق العالمية (ثلاثة ملايين برميل يوميا) وستجني مئات الملايير في حال فرض حظر على النّفط الإيراني ابتداء من أوّل جويلية المقبل لأنها ستعوِّض أيضا أيَّ نقص نفطي سينجم عن غياب النّفط الإيراني أيضا• اللّوم ليس لأمريكا فقط وإنما لبعض الدول العربية التي تملك أكثر من ثلاثة آلاف مليار دول كودائع واستثمارات في أوروبا وأمريكا، والتي ترضخ للإملاءات الأمريكية• الثورة أعادت لمصر كرامتها وسيادتها، والكرامة تتناقض كلّيا مع المجاملات، خاصّة مع أطراف لا يريدون لهذه الثورة النّجاح، عربا كانوا أو غربيين، وليس لدى مصر ما تخسره في جميع الأحوال•
* الأمريكيون الذين دعّموا نظام مبارك الديكتاتوري وفساده لأكثر من ثلاثين عاما لا يهمّهم شعب مصر ورخاؤه بقدر ما يهمّهم الشعب الإسرائيلي وأمنه واستقراره، ولأن اتفاقات كامب ديفيد المذلّة والمهينة للشعب المصري باتت تواجه خطر التعديل، وربما الإلغاء، بدأت المؤامرات على الثورة المصرية من خلال خلق المتاعب الاقتصادية ومنع وصول أيّ أموال أو استثمارات تنقذ الاقتصاد المصري من أزماته التي تفاقمت بسبب الثورة وهروب رؤوس الأموال الغربية وتراجع عوائد الموسم السياحي•
* نكتب بمرارة ونحن نرى مئات المليارات العربية تذهب إلى دول تدعّم أعداءنا وتتآمر على ثوراتنا وتنفق في أعمال غير إنسانية وغير أخلاقية، بينما أربعون مليون مصري يعيشون تحت خطّ الفقر (دولاران في اليوم)، وملايين الشباب المصري والعربي عاطلون عن العمل•
المسألة اقل بكثير من إن تبحث ,أو إن تقدم لها المبررات,ولقد كتب ألاف الباحثين ابان الحكم المخلوع, حول هلهلة بنية الاقتصاد المصري ,واعتمادها على إيرادات غير إستراتيجية,, لا تخدم سوى نفر قليل من أصحاب النفوذ والسلطة ,وأسيادهم في الخارج,فالاقتصاد المصري,في المرحلة المشئومة الماضية ,وبصرف النظر عن الفساد والفاسدين ,كان يعتمد على ثلاثة أو أربع مصادر للدخل ,هي السياحة ,والبترول ,وقناة السويس,ومدخرات المصريين بالخارج, بالإضافة إلى المساحات المزروعة ,وبعض الصناعات غير ذات الحيثية للاقتصاد الوطني والتي تعود بالأساس بخيراتها إلى جيوب مرتزقة ومنتفعى الحزب المحلول ؟فما هي مصادر الإنتاج الاخري التي يطلب من الناس الإنتاج فيها لإعادة العافية إلى الاقتصاد كما يردد البعض كالببغاوات؟وسنعطى مثالا عن احد أهم مصادر الدخل التي تركها لنا النظام المخلوع,والذي يبكتنا البعض ليل نهار أسفا على توقفها وتعطلها وخرابها إلا وهى السياحة ؟؟؟ هل لان السياحة توقفت, تصبح الثورة كخة ,؟ وهل عودة السياحة التي يستفيد منها بالأساس نفر قليل ممن ينتمون إلى نفس الطبقة أو النخبة التي كانت تنهب البلاد ليل نهار سوف ينهض بمصر ثانية ؟إن السياحة تعتبر مصدر من مصادر الدخل المهم للبلاد,,إن كانت ستنظم عن طريق الدولة وهى مصدر من مصادر التشغيل إن كان من يتوظفون فيها يتم تعيينهم بشكل فيه تكافؤ للفرص,, لكن ما كان يتم في هذا القطاع كان عكس كل ذلك ,اى إن عوائدها باختصار كانت تذهب إلى جيوب نفس العصابات المخلوعة؟بل أنها بهذا الشكل الحالي تعتبر مصدر من مصادر تهديد الأمن القومي لمصر ,فغالبية السياح يدخلون تحت رعاية مكاتب خاصة تستهدف الربح بأي ثمن, ولن نزيد حاليا حول تلك النقطة ,وكذلك أيضا فالسياحة الحالية هي مصدر من مصادر الضغوط الخارجية ,ونراه أمر متعمد إلا يعود السياح ولن يعودوا سوى بتنفيذ سياسات مصرية معينة تمليها منظومتهم الغربية الاستعمارية ؟ إن الذي نراه هو إن الناس تذهب إلى إعمالها ويؤدون واجباتهم الوظيفية والإنتاجية في ظل نفس الهيكل الاقتصادي القديم الخرب, والإنتاج والإصلاح يتطلب وزارة لديها رؤية محترمة من منظور اقتصادي استقلالي, يضع في الاعتبار سرعة البدأ في اعتماد الدولة على أسلوب انتاجى ينهج التخطيط المركزي في أسرع وقت,على إن يعتمد ذلك التخطيط في البداية على ضرورة عودة النهج الصناعي العام إلى الدولة كعنصر أول من عناصر الدخل الوطني ,ضمانا لزيادة الإنتاج وضمانا لتوفير فرص التشغيل أمام المصريين, فلا السياحة ولا رجال الأعمال ولا الاستثمار الاجنبى سينهضون بثورة هي قامت بالأساس ضد سرقتهم ونهبهم لهذا الوطن لقد ركزت على عودة الصناعة لان الزراعة بقليل من إعادة التخطيط سوف تعود لها عافيتها في الأجل القصير من ناحية توفير السلع الأساسية حيث طال الخراب أيضا ذلك القطاع وتم تحويله إلى قطاع يعتمد على إنتاج سلع لا توفر احتياجات الشعب المصري ,و إعادة تخطيط ذلك القطاع سيوفر السلع الاستهلاكية الرئيسية في الأجل المتوسط ,لكنه لن يوفر فرص عمل جديدة,,, لكن الذي سيوفر فرص العمل فقط هو الإنتاج الصناعي الذي يعتمد على الدولة , بعيدا عن رجال الإعمال الذين نهبوا مصر ولم يوفروا لها غطاءا استراتيجيا يحميها عند الأزمات,بل انحنى أؤكد إن هؤلاء الناس هم من يؤزمون الأوضاع حاليا ,لكن تأثيرهم سيظل محدود,لكونهم لم يعملوا سوى في مجالات مشبوهة مثل الاتصالات أو إنشاء القرى السياحية أو المدن الترفيهية؟ يجب على الفور استعادة أنشطة صناعية رئيسية مثل صناعة الغزل والنسيج ,وصناعة البلاستيك ,وصناعة الاسمنت وصناعة الحديد والصلب ,وصناعة الأجهزة الاليكترونية,وصناعة الأدوية ,وصناعة المنظفات والصابون ,وصناعة المواد الغذائية ,بل وصناعة أمواس وشفرات الحلاقة, والصناعات الحربية والعسكرية ,ثم تحدثوا بعدها عن زيادة الإنتاج و جودته واتقانه
بقلم الدكتور عادل عامر_خاص لاوراق عربية
متابعينا علي فيسبوك
اضغط لتقييم المقال
نشكرك للتقييم ، رأيك يهمنا :)