منتدي أوراق عربية
الاخوان وإستراتيجية التغير عادل عامر
فبعد المرحلة الناصرية ,وخروج الاخوان من المعتقلات ,وبدء عصر الانفتاح في عصر السادات ,وكذلك عصر المصالحه مع الاخوان لم تشهد هذه المرحلة أي مشروع لتقييم مسيرة الجماعة بهدف استبيان أخطاء الماضي ورسم تحركات المستقبل في ظل أجواء الحرية بل تم الدفع بمشروع الهوية وأسلمة المجتمع من خلال الدعوة الى تطبيق الشريعة من خلال طرح بعض القوانين في مجلس الشعب والمطالبة بتضمين الدستور أن دين الدولة الاسلام ومبادئ الشريعة مصدر رئيسي للتشريع ,صحيح أن الجماعة في عصر السادات قد أعلنت عن نبذ العنف والعمل ضمن مسار سلمي وفق القانون وتوج ذلك بالمشاركة في انتخابات عام 84 و87 م الا أن التوجه السلمي لم يكن نابع من تبلور استراتيجية للعمل ضمن الدولة المدنية فلازالت مفاهيم الشريعة والهوية والتغريب هي الحاكمه في كل تحركات الجماعة ,ولم تستفد الجماعه في عهد مبارك ومع سياسية الاقصاء التي اتبعها من زيادة التعاطف من القوى السياسيه بل استمرت المخاوف من وصول الاخوان وما مبادرة الاصلاح التي قدمتها الجماعة في عام 2004م سواء نتيجة لطبيعة السياق الدولي الذي تم فيه طرح مشروع الديمقرطة في اعقاب احداث سبتمبر,ففي تلك الاثناء شهدت المنطقة العربية ربيعا ديمقراطيا ادى الى نجاح الحركات الاسلامية من النجاح في عدة انتخابات نيابية ,ومنها بالطبع جماعة الاخوان التي استطاعت السيطرة على 20%من الاصوات ولم يكن هذا النجاح نابع من ايمان بأهمية الدولة المدنية التي هي حقيقة واقعه لابد من العمل ضمن شروطها بل كان نتيجة لتضافر عوامل عدة ساهمت في النجاح منها ضعف ثقة الناخب بالحزب الوطني وتشتت القوى السياسية ,وجهود الاخوان بالمقابل في الخدمات الاغاثية والمشاريع الصحية التي زادت من شعبية الاخوان وقدرتهم للوصول الى اكبر قدر من الشعب .
. لقد كانت السياسة اذن مؤهلة لخطاب مختلف للإخوان يتناغم مع حمي التغيير التي اجتاحت البلاد فكانت لحظة فصور نادر للتيار الاصلاحي في الاخوان عززت مواقفه داخل الحياة السياسية المصرية في ظل ازدياد الطلب المحلي والعالمي علي الخطاب الاصلاحي وقد بدأ التيار المحافظ داخل جماعة الاخوان متغاضيا عن هذه التطورات في الخطاب طالما كانت قادرة علي ان تكسب للجماعة مناطق نفوذ جديدة وجمهورا كان بعيدا عنها تقليديا وطالما كان تيار المحافظين التنظيمين متأكد ان بامكانة التحكم في مسار الافكار الاصلاحية فيصدرها للخارج الذي يبحث عنها دون ان يخاطر بزوالها الي قواعد التنظيم الذي يتحكم المحافظين في مفاصلة الرئيسية واقنية التكوين والتشبث بقضايا شائكة طلبت علي الدوام مصدرا للجدل بين اجنحة الجماعة وتوجهاتها المختلفة مثل المرأة والأقباط وما يتصل بمسألة المشاركة السياسية فجماعة الاخوان المسلمين ما زالت مكونا مختلفا يصعب فهمة من ثم هضمه داخل المشهد السياسي المصري من الناحية التنظيمية تبدأ الجماعة كبيرة من الحزب ولكن دون الدولة وهي في بنيتها الفكرية وتواجهانها السياسية اقرب لجبهة او معضلة جامعة لتيارات اسلامية مختلفة في الفكر السياسي منها التنظيم سياسي محدد المشروع والبرنامج فالتطورات التي حدثت بعد نهاية السبعينات من القرن العرشين سمحت بنمو حالة من التعدد الجيلي الذي نشأ عن انضمام نخب الجماعات الاسلامية التي اسسها الطلبة في حرم الجامعات المصرية بحيث ملئوا الهيكل التنظيمي الاخواني الذي كاد يتآكل بفعل الملاحقات الامنية في سنوات الخمسينات والستينيات وينتمي اغلب المنتمين في السنوات ألاحقة الي اجيال نشأت في سياق الاستراتيجية الجديدة التي اتبعتها الجماعة مع بداية الثمانيات والستينيات بحيث اصبح الفعل السياسي احد اهم ميادين العمل العام في الجماعة الاخوانية كما ان تغيرات المزاج الديني في مصر القت بظلالها علي التوجيهات الدينية والفكرية داخل الحركة التي يبدوا ان بداخلها تعددية تجمع فيها تيارات من تخوم السلفية المحافظة الي حدود الليبرالية المتدينة لكن التطورات التي عرفتها الحركة الاخوانية داخليا وفي سياق علاقتها بالنظام خلال السنوات الثلاث الاخيرة بشكل خاص ولا سيما اثناء اجراء انتخاباتها الداخلية بل الاستثنائية علي التعايش الداخلي بين تياراتها الداخلية واتجاه وواجهتها ومسارها المستقبلي هكذا تراجعت موجه التفاؤل التي كانت تقود شوارع التيار الاصلاحي في الاخوان وربما في المشهد السياسي برمته بعد ان هدأت حمى التغير وتبدلت الرياح الدولية التي كانت مواتية سنلاحظ كيف ستبدأ التيار التنظيمي حملة ممنهجه لما سنسميه عملية نزع الشرعية عن كل الافكار الاصلاحية التي تم بناؤها خلال النزول السياسي والإعلامي للإخوان الي ساحة العمل وخاصة التجربة السياسية الاخيرة البرلمانية والرئاسية عملية نزع الشرعية علي هذا النحو تتم في الاغلب داخل الاطر التنظيمية للجماعة ويظل ظهورها للفضاء العام نادرا ومحسوبا ويبدو ومن ذلك ان تيار التنظيم يعتبر ان الافكار التجديدية تظل نافعة في بناء صورة ايجابية للجماعة طالما يمكن حصرها خارج التنظيم لكن التغير المنتظر سيكون لجهة الاضطرابات الذي يمكن ان يطال تفاصيل هامة في الرؤية السياسية للجماعة حيث يرجع ان تميل للمحافظة خاصة مع الصقور السياسية للجماعة حيث يرجع ان تميل للمحافظة خاصة مع الصعود السلفي الذي برز في الجماعة ويترج عالا تستجيب الجماعة للنقد الموجهة اليها لتراجع موقفها في البرنامج السياسي الرافض لترشيح المرأة والأقباط لمنصب رئيس الجمهورية لقد انتهت الجماعة الي بناء تنظيم عملاق تتفاوت التقديرات بشأن عدد اعضاءه ما بين مائة ألاف الي نصف مليون عضو عامل بالتنظيم يدفعون الاشتراكات المالية الشهرية وينتظمون في الاسر الاخوانية التي هي اصغر وحدة تنظيمية تنعقد لقادتها اسبوعيا وينتظمون في الاسر الاخوانية التي هي اصغر وحدة تنظيمية تنعقد لقاءاتها اسبوعيا اضافة الي دوائر الانصار والمؤيدين والمتعاطفين الذين يزيدون عددهم عدة مرات علي عدد الاعضاء وهي تقديرات تختلف بحسب جهات التقدير ومواقفها السياسية والأيدلوجية وان كانت في كل الاحوال تقريبية تفتقد الدقة خاصة في ظل سياسة التجنيد السرية والإكثار من دوائر الانصار والمتعاطفين التي تخول دون القدرة علي التقدير الدقيق الحقيقي للأعضاء حتى من قبل الاجهزة الامنية بل ومن قبل مؤسسات الجماعة نفسها التي ترفض اجراء اي تقدير داخلي لها او الكشف عن اي معلومات بخصوصه ولو كانت تقريبية حني علي المستوي الداخلي وهو ما صار خطأ احمر لايجوز تجاوزه في قاعدة امنية تجعل من يخالفها عرضة للتخوين بتهمة كشف اسرار التنظيم بعد خروج الاخوان من السجون في اوائل السبعينات ترسخت لدي جزء كبير منهم قناعة بأن ملعب السياسة كما ترسمه التجربة الحزبية لا يناسبهم وان البناء علية كالبناء علي الرمال وزاد من نفورهم منه ميراث تاريخي ثقيل من عدم الثقة والتشكيك في نية النظام السياسي نجاهم وان المواجهة محتملة وكان التنظيم هو الحل والناظر إلى منهج جماعة الإخوان المسلمين، بوصفها حركة مركزية في التيار الإسلامي، يجد أنها تتبع أولا منهج التدرج، ثم عندما يغالبها الشعور بالخطر تتجه مباشرة إلى المواجهة، ولكنها دائما مواجهة محسوبة بل ومخططة. والجماعة تستخدم منهج المواجهة على خطوات، وكأنها بهذا تفتح السبل أمامها، حتى لا تحصر نفسها في منهج التدرج فقط، فتضع معه منهج التصعيد المتدرج. فنجد الجماعة تصعد ثم تنتظر، ثم تصعد مرة أخرى، ثم تنتظر، وكأنها تختبر إرادة الطرف الآخر، ومدى إصراره على عرقلة دورها السياسي، وخطتها في التغيير والإصلاح. ومنهج التصعيد المتقطع أو المتدرج، يعني ضمنا أن الجماعة لا تريد الوصول إلى حافة الهاوية، وهو ما يضعف موقفها أحيانا، حيث تبدو كمن يتجنب الوصول إلى حافة الهاوية أو المواجهة الشاملة، مما يدفع نخبة الدولة لعدم الاستجابة لضغوط جماعة الإخوان، وهو ما يدفعها إلى المزيد من التصعيد. فرغم إصرار جماعة الإخوان على التصعيد المنهجي، إلا أنها تجد نفسها مضطرة في النهاية إلى التأكيد أنها قادرة على الاستمرار في المواجهة حتى النهاية، وهو ما يجعل تصرفات جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة، تبدو أحيانا غامضة، حيث تبدو كمن صعد فجأة بدون مقدمات، وهو في الحقيقة يصعد في اللحظة التي يعتقد أن الطرف الثاني المتمثل في نخبة الدولة، بدأ يراهن على عدم ميل الجماعة والحزب لسياسة التصعيد، خوفا من التكلفة التي يدفعها المجتمع. فالجماعة عندما تدرك أن طرفا ما أصبح يراهن على ما يتصوره نقطة ضعف لها، تتجه لتغيير موقفها السياسي في اتجاه مغاير. حدث هذا عندما تصورت جماعة الإخوان المسلمين بعد الثورة، أن التحالف السياسي والتوافق السياسي هو السبيل الأفضل لإدارة المرحلة الانتقالية بعد الثورة، وبعد أن وجدت أن هذا الاختيار أصبح ملزما لها، لدرجة أن البعض أصبح يستخدمه كورقة ضغط عليها، غيرت موقفها وجعلت التوافق في حدود الممكن، وفي كل موقف على حدا. وهذا ما حدث أيضا في مسألة إقامة تحالف إسلامي خالص، حيث تجنب حزب الحرية والعدالة بناء تحالف إسلامي مع التيار السلفي، فأصبح هذا الأمر يضطره للتحالف مع التيار العلماني، وهو ما استخدم لابتزاز الحزب سياسيا أو الضغط عليه، فغير موقفه واتجه للتحالف مع التيار السلفي في عدة مواقف.
—كاتب المقال د / عادل عامر
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
متابعينا علي فيسبوك
اضغط لتقييم المقال
نشكرك للتقييم ، رأيك يهمنا :)