أخبار مصرية

من وراء هدم مستشفي بولاق علي رؤوس أهلها ؟؟

القاهرة – عمرو عبدالرحمن

يبدو أن الحكم القضائي الصادر اليوم من محكمة جنح الهرم، بحبس وزير الإسكان الدكتور مصطفى مدبولى سنة غيابيا، وكفالة مالية قدرها ألفين جنيه، وتعويض مدني قدره 30 ألف جنيه وواحد، وعزله من وظيفته، لامتناعه عن تنفيذ حكم قضائي، لن يكون الأخير الذي يطال الوزير وربما غيره من المسئولين في الدولة ، خاصة وأنه لن يكون الأول ، فقد سبقه وزير الزراعة الذي تم ضبطه في في قلب ميدان التحرير بتهم الفساد ..

 

إنه نفس الفساد الذي تحول إلي غول استولي علي كثير من مواقع النفوذ في البلد علي مدي سنوات مضت ، ما دفع السيد/ رئيس الجمهورية لإعلان الحرب مباشرة عليه أكثر من مرة ، كان آخرها قبل ايام قلائل.

 

الفساد هذه المرة يطال مستشفي بولاق العام الذي يخدم ملايين المواطنين الفقراء ، في منطقة من أكبر المناطق الشعبية في القاهرة العتيقة .. حسبما يكشف لنا البرلماني السابق حسين مصطفي .

 

الأسباب لا علاقة لها إلا بسلطان المال ومصالح الكبار ، علي حساب الناس البسطاء وصحتهم ومصالحهم.

الأسباب ايضا ربما يكون لها علاقة باستثمارات يهودية وراء واجهة قطرية اسمها ” شركة الديار ” التي استحوذت علي مناطق شاسعة من كورنيش النيل وربما تنوي الاستيلاء علي المزيد من الأرض بأساليب البيع والشراء والهدم علي رؤوس المصريين وعلي حسابهم .

 

البداية من يوم الأحد 20/نوفمبر /2016 عندما نشرت “الوقائع المصرية” بالعدد 260، قرار وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية بحذف مبنى مستشفى بولاق أبو العلا العام، الموجود بناصية المطبعة الأهلية بشارع بولاق، وبشارع الدكتور محمد حجاب بحي النزهة، من سجل المبانى والمنشآت ذات الطراز المعمارى المتميز لمحافظة القاهرة.

ولنترك الحديث علي لسان المواطنين من أهالي بولاق :

 

قال محمد أشرف، أحد أهالي بولاق أبوالعلا، إن أهالي بولاق قاموا بتحرير محضر ضد محافظ القاهرة ووزير الإسكان ووزير الصحة بسبب قرار إزالة مستشفى أبوالعلا، خاصة أنه لا يوجد سبب واضح لإزالة المستشفى.

 

وتابع “أشرف”، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج”90 دقيقة”، المذاع على فضائية” المحور”، مساء الثلاثاء، أن المستشفى في حالة سيئة للغاية ولا تخدم المواطنين إلا في العيادات الخارجية فقط وكان يوجد فيها وحدة غسيل كلوي تم إزالتها، رغم أنها كلفت الدولة ملايين.

 

وأضاف أن المستشفى دخلت خلال الفترة السابقة في ميزانية الدولة للتطوير في عام 2013، وتم التعاقد مع شركة النيل للمقاولات، وكان الحديث على تطوير المستشفى وليس هدمها، متابعًا: “مبنى المستشفى مش محتاج يتهد، المبنى بالرخام وفيها أسانسير”.

 

«سمعنا أن أحد المستثمرين يريد أن يقيم مشروعًا على أرض المستشفى، نظرًا لتميز موقعه على كورنيش النيل، بعدها بفترة، أصدرت المحافظة قرار هدم جزء من مبنى المستشفى، لأن المبنى آيل للسقوط، ولابد من هدمه».. هكذا تكلمت «ف.ع» إحدى العاملات فى مستشفى بولاق أبوالعلا العام، مضيفة: الكل كان مستغربًا لأن وحدة الكلى كانت جزءًا من المبانى التى تم هدمها، رغم أنها جديدة ولم يكن قد مر على بنائها 10 سنوات.

 

10 سنوات تمر على هدم مبنى مستشفى بولاق أبوالعلا العام، ولم توضع فيه منذ تلك اللحظة «طوبة» جديدة رغم مزاعم محافظ القاهرة فى ذلك الوقت بأن الهدم جزء من مشروع تطوير للمستشفى لإنشاء مبنى جديد، بدلًا من سابقه الآيل للسقوط، على حد تعبيره، لكن بعد أن هدمت المعدات مبنى المستشفى، لم ير عماله ولا مرضاه ملامح أى مشروع، لا ببناء مبنى جديد، ولا ترميم القديم، فى ظل عدم اعتماد أى ميزانية جديدة للمستشفى منذ ذلك الوقت، والمبرر الدائم «هناك مشروع بالفعل، وجارٍ التصديق عليه».

 

تعلق «ف.ع» قائلة: «كنا من أشهر المستشفيات فى المنطقة، نظرًا لمهارة كل أفراد الطاقم الطبى، أغلبهم رحلوا الآن، وبعد الهدم جاءت للعاملين وعود بالتوزيع على المستشفيات، والعودة مع إعادة البناء، «مشوا والمبنى متبناش».

 

ما القصة؟

فى 27 ديسمبر 2003، أسندت وزارة الصحة والسكان بالأمر المباشر لشركة وادى النيل للمقاولات، مشروع تطوير وإحلال مستشفى بولاق أبوالعلا العام بالكامل على مرحلتين، بقيمة تعاقدية 40 مليون جنيه، وبمعرفة لجنة من الوزارة ومديرية الشؤون الصحية بالقاهرة، على مدى 3 سنوات.

 

وفى 29 ديسمبر 2003، أصدرت اللجنة الإدارية المختصة بشؤون التنظيم، بعضوية عمرو على، المهندس بقسم بولاق، قرارًا بمعاينة مبنى المستشفى، وكتبت تقريرًا جاء فيه «أن هناك تلفًا فى مواسير الصرف الصحى والأجهزة الصحية، ويوجد رشح مياه بالأسقف وعلى الحوائط ودورات المياه، وتآكل درجات السلم». وطالب التقرير بالمحافظة على أرواح الموجودين فى المستشفى بترميم العقار تحت إشراف هندسى».

 

ورغم أن التقرير الأول للوحدة الهندسية طالب بالترميم السريع لمبانى المستشفى وليس هدمها، لم يحدث أى شىء بالمستشفى، سوى قيام شركة وادى النيل فى مارس 2004 بنقل أدوات التطوير إلى داخل المستشفى، واستمر الوضع على ما هو عليه حتى 8 مارس 2006، حيث قررت إدارة التنظيم بحى بولاق أبوالعلا هدم كل ملحقات المبنى الرئيسى بالمستشفى، وطالب التقرير بالهدم فورًا، وقالت لجنة الوحدة المحلية فى تقريرها الذى تم رفعه إلى لجنة محافظة القاهرة للمنشآت الآيلة للسقوط، إن إدارة العقود والمشتريات بوزارة الصحة والسكان أفادت بالفعل بأن شركة وادى النيل هى المسؤولة عن تطوير المستشفى، ووصفت حالة المبانى بالمتوسطة، مشددة على سوء حالة الصرف الصحى وتسرب المياه.

 

وكان رد لجنة المنشآت الآيلة للسقوط أن يتم ترميم شامل للمبنى الرئيسى للمستشفى وجميع ملحقاته.

 

كل ما تبادله المسؤولون فى اللجان السابقة بين الحى والمحافظة ومديرية الصحة بالقاهرة، استمر حبرًا على ورق، ولم ينفذ منه سوى هدم مبنى مستوصف الصدر من المبانى المذكورة فى التقرير، ومبنى وحدة الكلى حديثة الإنشاء رغم عدم وروده بالتقرير، ووفقًا لخطاب أرسلته مديرية الشؤون الصحية إلى رئيس المجلس الشعبى لحى بولاق، أن توقف الشركة جاء لعدم إدراج تطوير المستشفى فى ميزانية الوزارة لعام 2007/2008.

 

تزايد الضغط من أهالى بولاق فى ذلك الوقت، دفع إدارة المستشفى لتقديم طلب لمعاينته، وهو ما دفع محافظة القاهرة لتشكيل لجنة جديدة فى 11 مارس 2009، والتى قالت إن المستشفى فى وضع خطير، بداية من شبكة الصرف الصحى، ودورات المياه، وطالبت اللجنة بالحفاظ على الأرواح بالترميم الفورى للمستشفى.

 

ضياع

بعد القرار الأخير، توقف الحديث عن المستشفى بشكل نهائى، وتقول منيرة السيد، إحدى سكان المنطقة: «كان فيها كل التخصصات، دلوقتى بقت خرابة، أغلب عياداتها مغلقة، وأكتر المرضى بيتحولوا لمستشفيات تانية، أختى كانت بتغسل كلى فى الوحدة الجديدة لكن بعد الهدم حولوها إلى مستشفى الساحل».

 

أحد أفراد اللجنة الشعبية لبولاق أبوالعلا أكد أن المسؤولين أوضحوا أن مركز الكلى الذى أنشئ عام 2002 بتبرع من أحد الأهالى، تم هدمه بالخطأ.

 

التجول داخل مستشفى بولاق أبوالعلا العام لا يشير أبدًا إلى أن ذلك المبنى يستقبل مرضى لعلاجهم، فالمستشفى لا يمتلك أجهزة للأشعة العادية منذ 2004، ولا جهازًا للتنفس الصناعى، لذا فوحدة حضانات الأطفال مغلقة، ولا يوجد بنك للدم، وقد توزع أغلب أعضاء فريقها الطبى، عقب ظهور مشروع التطوير، تحت حجة العودة عقب الانتهاء.

 

المبنى الأثرى

تسجيل المستشفى كمبنى تاريخى تم إنشاؤه عام 1930 برقم «01230001111» لعام 2008، لم يشفع للمستشفى أمام مسؤولى المحافظة أو وزارة الصحة للاهتمام به، خصوصًا أن مشروع التطوير الذى تم إقراره فى 2003 هو السبب فى وقف أى اقتراح لمشروعات جديدة خاصة بالمستشفى بمبرر تنفيذ المشروع المعتمد بالفعل أولًا.

 

تقول دكتورة سهير حواس،  رئيس لجنة حصر المبانى ذات القيمة المتميزة بالتنسيق الحضارى، إن تسجيل المستشفى يأتى ضمن الفئة «ج»، وهو يتيح للمسؤولين عنه ترميمه من الداخل كما يحلو لهم، مع الحفاظ على واجهته التاريخية، بشرط عدم الهدم، موضحة أن اللجنة سجلت ما هو على أرض الواقع، وبالتالى المبنى الذى تم هدمه لا يطبق عليه القانون بشكل رجعى، لكن منذ لحظة التسجيل لا يمكن تنفيذ قرار الهدم على بقية المبانى التى شملها القرار، والتى انسحبت الشركة قبل إتمامها.

 

ونبهت «حواس» إلى أن قانون 144 الخاص بتنظيم المبانى ذات القيمة المتميزة لا يتيح للجنة آليات تمكنها من الحفاظ على المبانى التاريخية المسجلة من تعديات مالكها، والذى ساعد متعمدًا على تدهور حال المبنى، فالقانون يكتفى بإدانه الجهة الإدارية على ذلك.

 

وبناء على كلام «حواس»، فإن معرفة الجهات المعنية من المحافظة والحى ومديرية الصحة بتدهور حال مبانى المستشفى وتركها دون ترميم، يحملهم المسؤولية الأولى إذا ما انهار المبنى.

 

ويأتى السؤال: ماذا تنتظر وزارة الصحة ومحافظة القاهرة للتحرك لإنقاذ مستشفى بولاق أبوالعلا من الانهيار؟..

 

المثير للشك لدى أهالى بولاق- كما يقول محمد مصطفى- أن موقع المستشفى، والذى يقع فى مكان متميز على كورنيش النيل، يجاور مشروعات إنشائية عملاقة تقيمها الشركات الاستثمارية، وأن تدهور المستشفى، وعدم وجود ميزانية كما تدعى وزارة الصحة، سيؤديان فى حالة انهياره إلى نقل مرضاه إلى باقى المستشفيات، والارتضاء بسياسة الأمر الواقع كما هو الحال حاليًا.

 

ويضيف: «فى الأول ثار الأهالى لأننا كنا نعتمد على المستشفى بالدرجة الأولى، وهو الحماس الذى فتر بعد فترة، والآن تمر 10 سنوات على هدمه، وقد رضى الأهالى بالذهاب إلى المستشفيات البعيدة، ونخشى أن تكون هذه السياسة لكى يعتاد الأهالى على المستشفيات الأخرى، وتخرج أرض المستشفى للاستثمار العقارى».

 

وقد توجهت اللجنة الشعبية لأهالى بولاق فى شهر نوفمبر الماضى لمقابلة الدكتور محمد عبدالرحمن، مدير الإدارة المركزية للدعم الفنى والمشروعات، للسؤال عن عدم تنفيذ مشروع تطوير المستشفى، وقد أوضح لهم أن المشروع مازال مُسندًا إلى شركة وادى النيل، ووزارتى التخطيط، والصحة، وأن العمل سيعود الشهر التالى، أى ديسمبر، بداية من ترميم وبناء دورات المياه، وتكملة المبنى القديم وتحويله إلى مبنى إدارى، وبناء مبنى جديد من 3 أدوار، ويشمل أدوارًا للخدمات التطويرية، والتجهيزات الطبية.

 

كلام المسؤول- على حد قول أعضاء اللجنة- تبخر بمجرد عودتهم من لقائه، ولم يجر أى تغيير فى المستشفى حتى الآن.

 

 

متابعينا علي فيسبوك
اضغط لتقييم المقال
نشكرك للتقييم ، رأيك يهمنا :)

عمرو عبدالرحمن

كاتب صحفي ومحلل سياسي مصري - سفير السلام العالمي المتحدث الاعلامي لحملة احمي مصر المستشار الاعلامي لحزب مصر القومي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق